وأمّا القسم الآخر من هذين القسمين وهو أصغرهما فإنّه يصعد إلى ظاهر الوجه والرّأس ، ويتفرّق فيهما هناك من الأعضاء الظاهرة كتفرّق الوداج الظاهر الآتي ذكره . وقد يظهر نبض هذا القسم خلف الاُذن وفي الصّدغ ، فأمّا النبض الظاهر عند الوداجين فإنّه نبض القسم العظيم المجاور للوداج الغائر ويسمّى هذان الشريانان شرياني السبات .
وأمّا القسم النازل إلى أسافل البدن فإنّه يركب فقرات القلب مبتدئاً من الفقرة الخامسة المحاذية للقلب نازلاً منه إلى أسفل ، وينشعب منه عند كلّ فقرة شعب يمنةً ويسرةً ، ويتّصل بالأعضاء المحاذية لها . وأوّل شعبة ينشعب منه شعبة تأتي الرئة ثمّ شعب تأتي العضل الّتي بين الأضلاع ، ثمّ شعبتان تأتيان الحجاب ثمّ شعب تأتي المعدة والكبد والطحال والثرب (١) والأمعاء والكلى والأرحام ، وشعب تخرج حتّى تتّصل بالعضل المحاذية لهذه المواضع ، حتّى إذا جاء إلى آخر الفقار انقسم قسمين أخذ كلّ واحد منهما نحو إحدى الرجلين ، وانقسما فيهما كانقسام العروق الكبديّة إلّا أنّهما غائران ، ويظهر نبضهما عند الاُربيّتين (٢) وعند العقب تحت الكعبين الداخلتين وفي ظهر القدمين بالقرب من الوتر العظيم .
وأما المريء والمعدة ، فالمريء مؤلّف من جوهر لحميّ وطبقات غشائيّة تحيط بها شعب من الأوردة والشرايين وشعب من الأعصاب . أمّا اللّحميّة فظاهرة ، والطبقة الداخلانيّة مطاولة الليف بها يجذب ، والخارجة مستعرضة الليف بها يدفع المزدرد إلى المعدة ويعصر ، وبها وحدها يتمّ القيء ، ولذلك يعسر .
وموضعه خلف قصبة الرئة كما مرّ على استقامة فقار العنق ، وينحدر معه زوج العصب النازل من الدماغ ملتوياً عليه ، فإذا جاوز الفقرة الرّابعة من فقار الصلب المسمّاة بفقار الصدر ينحرف يسيراً إلى الجانب الأيمن ليوسّع المكان على العرق النابت من القلب ، ثمّ ينحدر على استقامة الفقرات الباقية حتّى إذا وافى الحجاب انفتح له منفذ
__________________
(١) الثرب ـ بفتح المثلثة ـ الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش والامعاء .
(٢) الاربية : مفصل الفخذ .