أكبر كثيراً وهو حين يطلع تتشعّب منه شعبتان يصير أحدهما إلى التجويف الأيمن من تجويفي القلب وهي أصغر الشعبتين ، والآخر يستدير حول القلب كما يدور ثمّ يدخل إليه ويتفرّق فيه .
ثمّ إنّ الباقي من العروق النابتة من تجويف القلب الأيسر بعد انشعاب هاتين الشعبتين منه ينقسم قسمين : يأخذ أحدهما إلى أسافل البدن ، والآخر إلى أعاليه والثاني ينقسم في مصعده في الجانبين إلى شعب تتّصل بما يحاذيها من الأعضاء ، فتعطيها الحرارة الغريزيّة حتّى إذا حاذى الإبط خرجت منه شعبة مع العرق الإبطيّ من عروق الكبد إلى اليد ، وينقسم فيها كتقسيمه على ما سنذكره .
واتّصلت منه شعب صغار بالعضل الظاهر والباطن من العضد ، وهو مع ذلك غائر مندفن حتّى إذا صار عند المرفق صعد إلى فوق حتّى أنّ نبضه يظهر في هذا الموضع في كثير من الأبدان ، ولم يزل تحت الإبطيّ ملاصقاً له حتّى ينزل عن المرفق قليلاً ثمّ إنّه يغوص أيضاً في العمق ، وينشعب منه شعب شعريّة ، متّصل بعضل الساعد إلى أن يقطع من الساعد مسافة صالحة ، ثمّ ينقسم قسمين ، فيأخذ أحدهما إلى الرسغ مادّاً مارّاً على الزند الأعلى وهو العرق الّذي يحبسه الأطباء ، ويأخذ الآخر إلى الرسغ أيضاً مارّاً على الزند الأسفل وهو أصغرهما ، ويتفرّقان في الكفّ وربّما ظهر لهما نبض من ظاهر الكفّ .
وإذا بلغ هذا القسم الأعلى موضع اللبّة (١) انقسم قسمين ، وانقسم كلّ قسم إلى قسمين آخرين ، وجاوز أحد هذين القسمين الوداج الغائر من عروق الكبد ، ومرّ مصعداً حتّى يدخل القحف . ويتّصل في مروره منه شعبة بالأعضاء الغائرة الّتي هناك . وإذا دخل القحف انقسم هناك انقساماً عجيباً ، وصار منه الشيء المعروفة بالشبكة المفروشة تحت الدماغ ، وقد مرّ ذكرها ، وبعد انقسامه إلى هذه الشبكة يجتمع ويعود أيضاً فيخرج من هذه الشبكة عرقان متساويان في العظم كحالها قبل الانقسام إليها ويدخلان حينئذ حرم الدماغ فيقسمان فيه .
__________________
(١) اللبة ـ بفتح اللام وتشديد الباء الموحدة ـ . موضع القلادة من الصدر .