فيه ، ويرتبط عند المنفذ رباطات تشمله وتحوطه ، لئلّا يزدحم العرق الكبير المارّ فيه ولا يضغطه عند الازدراد ، فإذا جاوز الحجاب أخذ يتّسع ويسمّى حينئذ « فم المعدة » ويتدرّج في الاتّساع حتّى تتمّ المعدة مستديرة إلّا أنّ ما يلي الصلب منها منبطح ليحسن ملاقاتها به ، وأسفلها واسع لأنّه مستقرُّ الطعام .
وهي ذات طبقتين : داخلتهما طولانيّة الليف ، لأنّ أكثر أفعالها الجذب ويخالطها ليف مورّب ليعين على الإمساك ، وهي متّصلة بغشاء المريء وغشاء داخل الفم ، بل كلّها غشاء واحد فيه قوّة هاضمة كما مرّ . والخارجة مستعرضة اللّيف لم يختلط به شيء من المورّب ، لأنّه آلة العصر والدفع فقط .
ويأتيها من عصب الدماغ شعبة تفيدها الحسَّ ، ولهذا ما يفثى (١) الروائح الكريهة والمشاركة بين المعدة والدماغ بهذه العصبة ، وبها يحسُّ الإنسان ببرد الماء المشروب وبها يتنبّه للشهوة ويحسُّ بالحاجة إلى الغذاء إذا خلا المعدة والبدن فيتحرّك لطلبه . وإنّما لم يحسّ جميع الأعضاء بذلك مثل ما يحسّ فم المعدة لأنّه لو أحسّت الجميع لم يحمل الحيوان الجوع ساعة البتّة ، ولكان يلدغ جميع الأعضاء .
ويتّصل بقدّام المعدة عرق كبير يذهب في طولها ، ويرسل إليها شعباً كثيرة ويلازمه شريان ينشعب مثل ذلك . وجميع تلك الشعب تعتمد على طيّ الصفاق وينسج من جملته الثرب ، ويترشّح دائماً إليه رطوبة لزجة دهنيّة هي الشحم بها يتمّ الثرب .
وفائدته أن يعين بحرارته المعدة في الهضم من قدّام ، كما يعينها في ذلك الكبد من يمينها من فوق والطحال من يسارها من تحت ، ولحم الصلب من خلف (٢) . وفوق الثرب الغشاء الصفاقيّ ، وفوقه المراق ، وفوقه عضلات البطن . وبهذه المجاورات تكتسب المعدة حرارة تامّة هاضمة مع ما في لحمها من الحرارة الغريزيّة ، لأنّها خادمة لجميع البدن في طلب الغذاء وهضمه ، فلا بدّ أن يتمّ اقتدارها على تمام فعلها .
__________________
(١) كذا في أكثر النسخ ، وفى بعضها « يغشى » وكلاهما تصحيف ، ولعل الصواب « يفش » بمعنى يتجشأ .
(٢) من الخلف ( خ ) .