مختلفة ، لا في جوهر المائيّة ولكن بحسب ما يخالطها ، وبحسب الكيفيّات الّتي تغلب عليها . فأفضل المياه مياه العيون ، ولا كلّ العيون ولكن ماء العيون الحرّة الأرض الّتي لا يغلب على تربتها شيء من الأحوال والكيفيّات الغريبة ، أو تكون حجريّة فيكون أولى بأن لا يعفن عفونة الأرضية ، لكن الّتي من طينة حرّة خير من الحجريّة ، ولا كلّ عين حرّة بل الّتي هي مع ذلك جارية ، ولا كلّ جارية بل الجارية المكشوفة للشمس والرياح ، فانّ هذا ممّا يكتسب به الجارية فضيلة . وأمّا الراكدة فربما اكتسب بالكشف رداءة لا يكسبها بالغور والستر .
واعلم أنّ المياه الّتي تكون طيّنة المسيل خير من الّتي تجري على الأحجار فإنّ الطين ينقّي الماء ، ويأخذ منه الممتزجات الغريبة ويروّقه ، والحجارة لا تفعل ذلك ، لكنّه يجب أن يكون طين مسيلها حرّاً لا حمئة ولا سبخة ولا غير ذلك ، فإن اتّفق أن كان هذا الماء غمراً شديد الجرية ، يحيل بكثرته ما يخالطه إلى طبيعته ، يأخذ إلى الشمس في جريانه ، فيجري إلى المشرق وخصوصاً إلى الصيفي أعني المطلع الصيفيّ منه ، فهو أفضل ، لا سيّما إذا بعد جدّاً من مبدئه . ثمّ ما يتوجّه إلى الشمال والمتوجّه إلى المغرب بالجنوب رديّ وخصوصاً عند هبوب الجنوب ، والّذي ينحدر من مواضع عالية مع سائر الفضائل أفضل ـ انتهى ـ .
وفي بعض النسخ « وأفضل المياه الّتي تجري بين مشرق الشمس الصيفيّ ومغرب الشمس الصيفيّ ـ إلى قوله ـ في جبال الطين ، لأنّها تكون حارّة ـ إلى قوله ـ وأمّا المياه المالحة الثقيلة فإنّها تيبّس البطن » على بناء التفعيل .
والجليد : ما يسقط على الأرض من الندى فيجمد ، فيحتمل شموله لماء الجمد أيضاً ، ولا ينافي كون الماء المبرد بالجمد نافعاً كما ذكره الأطبّاء . وبعضهم فسّره عنا بماء البرد ، وهو بعيد نعم يمكن شمول الثلج له مجازاً . قال في القانون : وأمّا مياه الآبار والقنى (١) بالقياس إلى ماء العيون فرديّة . ثمّ قال : وأمّا المياه الجليديّة
__________________
(١) القنى ـ بكسر الاول وفتح الثاني ـ جمع القناة ، وهي ما يحفر في الارض ليجرى فيه الماء .