والثلجيّة فغليظة .
والمياه الرّاكدة خصوصاً المكشوفة الآجاميّة رديّة ثقيلة ، إنّما تبرد في الشتاء بسبب الثلوج ، ويولّد البلغم ، وتسخّن في الصيف بسبب الشمس والعفونة فيولّد المرار ولكثافتها واختلاط الأرضيّة بها وتحلّل اللّطيف منها تولّد في شاربيها أطحلة ، وترقّ مراقّهم (١) وتجسأ أحشاءهم ، وتقضف منهم الأطراف والمناكب والرقاب ، ويغلو عليهم شهوة الأكل والعطش ، وتحبس بطونهم ، ويعسر قيئهم . وربما وقعوا في الاستسقاء لاحتباس المائيّة فيهم ، وربما وقعوا في زلق الأمعاء وذات الرئة والطحال ، ويضمر أرجلهم ، وتضعف أكبادهم ، وتقلّ من غذائهم بسبب الطحال ، ويتولّد فيهم الجنون والبواسير والدّوالي وذات الرئة والأورام الرخوة في الشتاء ، ويعسر على نسائهم الحمل (٢) والولادة ـ إلى آخر ما ذكره من المفاسد والأمراض
وقال : الجمد والثلج إذا كان نقيّاً غير مخالط لقوّة رديّة فسواء حلّل ماءً أو برّد به الماء من خارج أو اُلقي في الماء فهو صالح ، وليس يختلف حال أقسامه اختلافاً [ كثيراً ] فاحشاً ، إلّا أنّه أكثف من سائر المياه ، ويتضررّ به صاحب وجع العصب ، وإذا طبخ عاد إلى الصلاح .
وأمّا إذا كان الجمد من مياه رديّة ، أو الثلج مكتسباً قوّةً غريبة من مساقطه فالأولى أن يبرّد به الماء محجوباً عن مخالطته .
وقال في موضع آخر : المياه الرديّة ، هي الراكدة البطائحيّة ، والغالب عليها طعم غريب ورائحة غريبة ، والكدرة الغليظة الثقيلة الوزن ، والمبادرة إلى التحجّر ، و الّتي يطفو (٣) عليها غشاء رديّ ، ويحمل فوقها شيئاً غريباً ـ انتهى ـ .
__________________
(١) مراق البطن ـ بتشديد القاف ـ : مارق منه ولان . وجسأ اليد من العمل : صلب وقضف : نحف ودق وفي بعض النسخ باهمال الصاد ، وهو ـ على تقدير الصحة ـ من قصف العود : اذا صار خواراً ضعيفاً .
(٢) في بعض النسخ : الحبل .
(٣) أي يعلو فوقها .