عند الفقرة الثانية عشر ، ويصير حاجزاً بين ما فوقه وما تحته .
ثمّ ينقسم هذا التجويف الأرفع إلى قسمين يفصل بينهما حجاب آخر ويمرّ في الوسط حتّى يلصق أيضاً بفقار الظهر ، ويسمّى هذا التجويف الأعلى كلّه صدراً وحدّه من فوق الترقوتين إلى الحجاب القاسم للبطن عرضاً .
وإنّما خلق الصدر من أجل التنفّس ، وذلك لأنّه إذا انبسط جذب الرئة وبسطها ، وإذا انبسطت الرئة اجتذبت الهواء من خارج ، وكان ذلك أحد جزئي التنفّس ، وهو تنشّق الهواء . ثمّ إنّ الصدر ينقبض فتنقبض الرئة ، ويكون بانقباضها إخراج النفس ، وهو الجزء الثاني .
وإنّما احتيج إلى تنشّق الهواء الخارج ثمّ إخراجه لترويح القلب وتعديل حرارته ، وإمداد الروح بجوهر ملائم له ، فإنّ الهواء يصير مركباً للروح منفذاً له مثل ما يصير الماء المشروب مركباً للغذاء . فالهواء الّذي يستنشق يصل منه إلى القلب في المنافذ الّتي بينها وبين القلب ، فإذا سخن ذلك الهواء الّذي اجتذب احتيج إلى إخراجه والاستبدال به ، فانقبض الصدر وقبض الرئة ثمّ عاد فانبسط وبسط الرئة فدخلها هواء آخر على مثال الزقاق الّتي ينفخ بها النار ، فإنّها إذا انبسطت امتلأت من الهواء ثمّ إذا انقبضت (١) انفرغت .
واما الرئة فإنّ قصبتها تنتهي من أقصى الفم على ما ذكرنا حتّى إذا ما جائت إلى ما دون الترقوة انقسمت قسمين ؟ وينقسم كلّ قسم منها أقساماً كثيرة ، وانتسج واحتشى حواليها لحم أبيض رخو متخلخل هوائيّ غذاؤه دم في غاية اللطافة والرّقة ، فيملأ القصبة والفرج الّتي بين شعبها وشعب العروق الّتي هناك فصار من جملة القصبة المنقسمة والعروق الّتي تحتها .
واللحم الّذي يحتشي حواليها بدن الرئة ، ونصفه في تجويف الصدر الأيمن ، والآخر في الأيسر ، فهي ذات شقّين في جزئي الصدر ، لكي يكون التنفّس بآلتين (٢)
__________________
(١) قبضت ( خ ) .
(٢) باثنين ( خ ) .