فإن حدث على واحد منهما حادثة قام الآخر بما يحتاج إليه ، كالحال في العينين . وجلّلت بغشاء عصبيّ ليحفظها على وضعها وليفيدها حسّاً ما .
وإنّما تخلخل لحمها لينفذ فيه الهواء الكثير فوق المحتاج إليه للقلب ، ليكون للحيوان عند ما يغوص في الماء وعند ما يصوت صوتاً طويلاً متّصلاً يشغله عن التنفّس وجذب الهواء وعند ما يعاف (١) الإنسان استنشاق هواء منتن أو هواء مخلوط بدخان أو غبار ، هواء (٢) معدٌّ يأخذه القلب ، وأن يكون معيناً بالانقباض على دفع الهواء الدخانيّ وعلى النفث .
وسبب بياض لحمها هو كثرة تردّد الهواء فيه وغلبته على ما يغتذي به : وإنّما تشعّب شعباً لئلّا يتعطّل التنفّس لآفة تصيب إحدى الشعب . ولا رئة للسمك ، وإنّما يتنفّس بالهواء من طريق الاُذنين .
واما قصبة الرئة فمؤلّفة من غضاريف كثيرة منضود بعضها فوق بعض ، مربوط بعضها إلى بعض برباطات ، بعضها دوائر تامّة ، وهي الّتي في داخل الرئة ، وبعضها نصف دائرة ، وهي الّتي تجاور المريء وتماسّه في فضاء الحلق ، وبين كلّ اثنين منها فرجة ، ويجلّلها غشاءان يجريان عليها ويشملان الفرج الّتي بينها ، ويصلان بين طرفي أنصافها داخلاً وخارجاً . وإنّما جعلت غضروفيّة لتبقى مفتوحة ولا تنطبق ، ولتكون صلابته سبباً لحدوث الصوت أو معيناً فيه .
وإنّما كثرت لئلّا يشملها الآفة ، وإنّما ربطت بأغشية لتتّسع تارة وتجتمع أخرى عند الاستنشاق والتنفّس ، فإنّ القابل للتمدّد والاجتماع هو الغشاء دون الغضروف . وإنّما لاقت المريء بجانبها الناقص وبالغشاء ليندفع عند الازدراد (٣) عن وجه اللقمة النافذة إذا احتاج المريء إلى التمدّد والاتّساع ، فينبسط إلى الغشاء
__________________
(١) أي يكره .
(٢) اسم لقوله « ليكون للحيوان . . . » وقد انفصل بينه وبين الخبر المقدم عليه ظروف متعاطفة .
(٣) أي الابتلاع .