احتيج إلى أن يحصل منها منفعة عظم واحد ، وجعل للإبهام والخنصر تحديباً في الجانب الوحشيّ الّذي لا يلقاه إصبع لتكون بجملتها عند الانضمام كالمستدير الّذي يقي من الآفات . ولم يربط الإبهام بالمشط لئلّا يضيق البعد بينه وبين سائر الأصابع ويكون عدلاً لسائر الأصابع الأربع : (١)
فإذا اشتمل الأربعة من جهة على شيء صغير وعاونها الإبهام بأن يحفظها على هيئة الاشتمال عادلت قوّة الإبهام في ضبط ذلك الشيء قوى الأربعة ، وليكون الإبهام من وجه آخر كالصّمامة (٢) على ما يقبضه الكفُّ . ولو وضع في غير موضعه لبطلت منفعته ، ولو وضع إلى جانب الخنصر لما كانت اليدان كلّ واحدة منهما مقبلة على الاُخرى فيما يجتمعان على القبض عليه ، وأبعد من هذا لو وضع من خلف أو على الرّاحة .
واما الظفر فهو عظم ليّن دائم النشوء ، لأنّه ينسحق دائماً كالسنّ ، وإنّما خلق ليكون سنداً للأنامل لئلّا تنعطف ولا تنضغط عند الشدّ على الشيء فيوهن وليتمكّن به الإصبع من لقط الأشياء الصغيرة ومن الحكّ والتفتية ، وليكون سلاحاً في بعض الأوقات ، وهذا في غير الإنسان أظهر . وخلق مستدير الطرف ليشقّ بعض الأشياء ويقطع به ما يهون قطعه ، وليّناً ليتطامن تحت ما يصاكّها فلا يتصدّع .
وأما ماهية الصدر فبيانها أنّ تجويف البطن كلّه من لدن الترقوة إلى عظم الخاصرة ينقسم إلى تجويفين عظيمين : أحدهما فوق ، يحوي الرئة والقلب ؛ والثاني أسفل ، يحوي المعدة والأمعاء والكبد والطحال والمرارة والكلى والمثانة والأرحام . ويفصل بين هذين التجويفين العضو المسمّى بالحجاب وهذا الحجاب يأخذ من رأس القصر (٣) ويمرّ بتاريب إلى أسفل [ في ] واحد من الجانبين حتّى يتّصل بفقار الظهر
__________________
(١) الاربعة ( خ ) .
(٢) الصمامة ـ بكسر المهملة : سداد القارورة ونحوها .
(٣) كذا في النسخة المخطوطة أيضاً ، والصواب : [ من رأس القص ويمر بتحديب الى أسفل ] .