.................................................................................................
______________________________________________________
مستحقه ، وساد الطريق المسلوك ، وتضييع العيال والتعصب ، والظلم والغدر ، وكونه ذا لسانين ، وتحقير المؤمنين وتجسس عيوبهم وتعييرهم والافتراء عليهم وسبهم وسوء الظن بهم وتخويفهم ، وبخس المكيال والميزان ، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجلوس في مجالس الفساق لا سيما شرب الخمر بغير ضرورة ، والبدعة في الدين ، والجلوس مع أهلها ، وتحقير السيئة والقمار وأكل الحرام ، فمن الأمر بالمنكر إلى هنا احتمال كونها كبيرة والله يعلم.
فائدة
قال بعض المحققين : قد ذكر بعض العلماء ضابطة يعلم بها كبائر المعاصي عن صغائرها بل مراتب التكاليف الشرعية كلها أو جلها ، وملخصها أنا نعلم بشواهد الشرع وأنوار البصائر جميعا أن مقصود الشرائع كلها سياقة الخلق إلى جوار الله وسعادة لقائه وأنه لا وصول لهم إلى ذلك إلا بمعرفة الله تعالى ، ومعرفة صفاته ورسله وكتبه ، وإليه الإشارة بقوله عز وجل : « وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ » (١) أي ليكونوا عبيدا ولا يكون العبد عبدا ما لم بعرف ربه بالربوبية ونفسه بالعبودية فلا بد وأن يعرف نفسه وربه ، فهذا هو المقصود الأصلي ببعثة الأنبياء ، ولكن لا يتم هذا إلا في الحياة الدنيا ، وهو المعنى لقوله عليهالسلام : الدنيا مزرعة الآخرة ، فصار حفظ الدنيا أيضا مقصودا تابعا للدين ، لأنه وسيلة إليه والمتعلق من الدنيا بالآخرة شيئان النفوس والأموال ، فكلما يسد باب معرفة الله فهو أكبر الكبائر ويليه ما يسد باب حياة النفوس ، ويلي ذلك ما يسد يأب المعايش التي بها حياة النفوس ، فهذه ثلاث مراتب ، فحفظ المعرفة على القلوب ، والحياة على الأبدان ، والأموال على الأشخاص ضروري في مقصود الشرائع كلها ، وهذه ثلاثة أمور لا يتصور أن تختلف فيها الملل ، فلا يجوز أن يبعث الله نبيا يريد ببعثه إصلاح الخلق في دينهم
__________________
(١) سورة الذاريات : ٥٦.