لأن الله عز وجل يقول : « فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ » (١) وشهادة الزور
______________________________________________________
يجوز أن يكون ما تضمنه الخبر على وجه المثل ، كان الله إذا فضحه يوم القيامة جرى ذلك مجرى أن يكون حاملا له وله صوت.
وقد روي في خبر آخر أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأمر مناديا فينادي في الناس : ردوا الخيط والمخيط لأن الغلول عار وشنار يوم القيامة ، فجاء رجل بكبة من شعر فقال : إني أخذتها لأخيط برذعة بعير لي فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما نصيبي منها فهو لك ، فقال الرجل : أما إذا بلغ الأمر هذا المبلغ فلا حاجة لي فيها ، والأولى أن يكون معناه ومن يغلل يوافي بما غل يوم القيامة فيكون حمل غلوله على عنقه أمارة يعرف بها ، وذلك حكم الله في كل من وافى القيامة بمعصية لم يتب منها ، أو أراد الله سبحانه أن يعامله بالعدل أظهر عليه من معصيته علامة تليق بمعصيته ليعلمه أهل القيامة بها ، ويعلموا سبب استحقاقه العقوبة ، كما قال سبحانه : « فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ » (٢) وهكذا حكمه سبحانه في كل من وافى القيامة بطاعة فإنه سبحانه يظهر من طاعته علامة يعرف بها ، انتهى.
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بالغلول في الآية وهذا الخبر مطلق الخيانة والسرقة.
وآية الزكاة هكذا : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ » قال البيضاوي : يجوز أن يراد به الكثير من الأحبار والرهبان ليكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال والضن بها وأن يراد المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه ويكون اقترانه بالمرتشين من أهل الكتاب للتغليظ.
__________________
(١) سورة التوبة : ٣٥.
(٢) سورة الرحمن : ٣٩.