الغدر كنت من أدهى الناس ألا إن لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة ألا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار.
______________________________________________________
وكان المراد هنا طلب الدنيا بالحيلة واستعمال الرأي في غير المشروع مما يوجب الوصول إلى المطالب الدنيوية وتحصيلها ، وطالبها على هذا النحو يسمى داهيا وداهية للمبالغة ، وهو مستلزم للغدر بمعنى نقض العهد وترك الوفاء « ألا أن لكل غدرة فجرة » أي اتساع في الشر وانبعاث في المعاصي ، أو كذب أو موجب للفساد أو عدول عن الحق.
في القاموس : الفجر الانبعاث في المعاصي والزنا كالفجور فيهما ، فجر فهو فجور من فجر بضمتين وفاجر من فجار وفجرة ، وفجر فسق وكذب وعصى وخالف ، وأمرهم فسد وأفجر كذب وزنى وكفر ومال عن الحق ، انتهى.
وربما يقرأ بفتح اللام للتأكيد وغدرة بالتحريك جمع غادر كفجرة جمع فاجر ، وكذا الفقرة الثانية ولا يخفى بعده « ولكل فجرة كفرة » بالفتح فيهما أي سترة للحق أو كفران للنعمة وستر لها أو المراد بها الكفر الذي يطلق على أصحاب الكبائر كما مر ، وفي القاموس الكفر ضد الإيمان ويفتح ، وكفر نعمة الله وبها كفورا وكفرانا جحدها وسترها ، وكافر جاحد لأنعم الله تعالى والجمع كفار وكفرة ، وكفر الشيء ستره ككفرة ، وقال : الخون أن يأتمن الإنسان فلا ينصح ، خانه خونا وخيانة وقد خانه العهد والأمانة.
وأقول : روي في نهج البلاغة عنه عليهالسلام : ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ، والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة ، وقال ابن أبي الحديد : الغدرة على فعلة الكثير الغدر ، والكفرة والفجرة الكثير الكفر والفجور ، وكلما كان على هذا البناء فهو الفاعل ، فإن أسكنت العين تقول رجل ضحكة أي يضحك منه ، وقال ابن ميثم : وجه لزوم الكفر