.................................................................................................
______________________________________________________
« وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » أي مؤلم « وَلَمَنْ صَبَرَ » أي تحمل المشقة في رضا الله « وَغَفَرَ » له فلم ينتصر « إِنَّ ذلِكَ » الصبر والتجاوز « لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ » أي من ثابت الأمور التي أمر الله بها فلم تنسخ.
وقيل : عزم الأمور هو الأخذ بأعلاها في باب نيل الثواب.
وقال المحقق الأردبيلي قدس الله روحه بعد ذكر بعض تلك الآيات : فيها دلالة على جواز القصاص في النفس والطرف والجروح ، بل جواز التعويض مطلقا حتى ضرب المضروب وشتم المشتوم بمثل فعلهما ، فيخرج ما لا يجوز التعويض والقصاص فيه مثل كسر العظام والجرح والضرب في محل الخوف والقذف ونحو ذلك ، وبقي الباقي ، وأيضا تدل على جواز ذلك من غير إذن الحاكم والإثبات عنده والشهود وغيرها ، وتدل على عدم التجاوز عما فعل به وتحريم الظلم والتعدي وعلى حسن العفو وعدم الانتقام وأنه موجب للأجر العظيم ، انتهى.
وأقول : ربما يشعر كلام بعض الأصحاب بعدم جواز المقابلة وأنه أيضا يستحق التعزير كما مر في كلام الراوندي ، وقال الشهيد الثاني (ره) عند شرح قول المحقق : قيل : لا يعزر الكافر مع التنابز بالألقاب والتعيير بالأمراض إلا أن يخشى حدوث فتنة فيحسمها الإمام بما يراه القول بعدم تعزيرهم على ذلك ، مع أن المسلم يستحق التعزير به هو المشهور بين الأصحاب ، بل لم يذكر كثير منهم فيه خلافا ، وكان وجهه تكافؤ السبب والهجاء من الجانبين كما يسقط الحد عن المسلمين بالتقاذف لذلك ، ولجواز الإعراض عنهم في الحدود والأحكام فهنا أولى ، ونسب القول إلى القيل مؤذنا بعدم قبوله ، ووجهه أن ذلك فعل محرم يستحق فاعله التعزير ، والأصل عدم سقوطه بمقابلة الآخر بمثله ، بل يجب على كل منهما ما اقتضاه فعله ، فسقوطه يحتاج إلى دليل كما يسقط عن المتقاذفين بالنص ، انتهى.