.................................................................................................
______________________________________________________
في سبل طاعة الله كما مدح الله تعالى جماعة حيث قال : « رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ » (١).
وبالجملة المذموم من ذلك الحرص عليها وحبها وشغل القلب بها والبخل بها في طاعة الله وجعلها وسيلة لما يبعد عن الله ، وأما تحصيلها لصرفها في مرضات الله وتحصيل الآخرة بها فهي من أفضل العبادات وموجبة لتحصيل السعادات.
وقد روي في الصحيح عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنا لنحب الدنيا فقال لي : تصنع بها ما ذا؟ قلت : أتزوج منها وأحج وأنفق على عيالي وأنيل إخواني وأتصدق ، قال لي : ليس هذا من الدنيا ، هذا من الدنيا ، هذا من الآخرة ، وقد روي : نعم المال الصالح للعبد الصالح ونعم العون الدنيا علي الآخرة ، وسيأتي بعض الأخبار في ذلك في أبواب المكاسب إنشاء الله تعالى.
الثالث : التمتع بملاذ الدنيا من المأكولات والمشروبات والمنكوحات والملبوسات والمركوبات والمساكن الواسعة وأشباه ذلك وقد وردت أخبار كثيرة في استحباب التلذذ بكثير من ذلك ما لم يكن مشتملا على حرام أو شبهة أو إسراف وتبذير ، وفي ذم تركها والرهبانية وقد قال تعالى : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ » (٢).
فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي يظهر من مجموع الآيات والأخبار على ما نفهمه أن الدنيا المذمومة مركبة من مجموع أمور يمنع الإنسان من طاعة الله سبحانه وقربه فهو من الآخرة وإن كان بحسب الظاهر من أعمال الدنيا كالتجارات والصناعات والزراعات التي يكون المقصود منها تحصيل المعيشة للعيال لأمره تعالى به
__________________
(١) سورة النور : ٣٧.
(٢) سورة الأعراف : ٣٢.