صار إلى منزله أمر بطعام فصنع وأمر أن يتنوقوا فيه ثم دعاهم فتغدوا عنده وتغدى معهم.
______________________________________________________
« فتغدوا عنده » أي في اليوم الآخر أو أطلق التغدي على التعشي للمشاكلة « وتغدى معهم » هذا ليس بصريح في الأكل معهم في إناء واحد فلا ينافي الأمر بالفرار من المجذوم ، مع أنه يمكن أن يكونوا مستثنين من هذا الحكم لقوة توكلهم وعدم تأثر نفوسهم بأمثال ذلك أو لعلمهم بأن الله لا يبتليهم بأمثال البلايا التي توجب نفرة الخلق.
وفي مشكاة الأنوار عن أبي عبد الله أن علي بن الحسين عليهماالسلام مر على المجذومين يأكلون فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم فمضى ، ثم قال : إن الله عز وجل لا يحب المتكبرين وكان صائما فرجع إليهم فقال : إني صائم ثم قال : ائتوني في المنزل فأتوه فأطعمهم وأعطاهم ، وزاد فيه ابن أبي عمير أنه بعد منعهم.
ثم اعلم أن الأخبار في العدوي مختلفة ، فسيأتي في الروضة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا عدوي ولا طيرة ، وقد ورد : فر من المجذوم فرارك من الأسد ، وقيل في الجمع بينهما : أن حديث الفرار ليس للوجوب بل للجواز أو الندب احتياطا خوف ما يقع في النفس من العدوي والأكل والمجالسة للدلالة على الجواز ، وأيد ذلك بما روي من طرق العامة عن جابر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أكل مع المجذوم ، فقال : آكل ثقة بالله وتوكلا عليه ، ومن طرقهم أيضا أن امرأة سألت بعض أزواجه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الفرار من المجذوم فقالت : كلا والله ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا عدوى ، وقد كان لنا مولى أصابه ذلك وكان يأكل في صحافي ويشرب من قداحي وينام على فراشي ، وقال بعض العامة : حديث الأكل ناسخ لحديث الفرار ، ورده بعضهم بأن الأصل عدم النسخ ، على أن الحكم بالنسخ يتوقف على العلم بتأخير حديث الأكل وهو غير معلوم ، وقال بعضهم للجمع : حديث الفرار على تقدير وجوبه إنما كان لخوف أن