قلت [ مما ] نتخوف من فتنة ابن الزبير وما فيه الناس قال فضحك ثم قال
______________________________________________________
لأن وعد الله صادق وقد وعد على الطاعة الثواب وعلى المعصية العقاب ، فينبغي فعل الطاعة وترك المعصية لنيل الثواب والحذر عن العقوبات ولا فائدة للحزن.
الثالث : ما قيل : أن المراد بالحزين من به غاية الحزن لضم الكئيب معه فلا ينافي استحباب قدر من الحزن للآخرة والأول أظهر وأنسب بالمقام.
« وما فيه الناس » أي من الاضطراب والشدة لفتنته ، أو المراد بالناس الشيعة لأنه كان ينتقم منهم ، وابن الزبير هو عبد الله ، وكان أعدى عدو أهل البيت عليهمالسلام وهو صار سببا لعدول الزبير عن ناحية أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال عليهالسلام : لأزال الزبير معنا حتى أدرك فرخه (١).
والمشهور أنه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسين عليهالسلام لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد ، وقيل : لما استشهد الحسين عليهالسلام في سنة ستين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكة إلى نفسه وعاب يزيد بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور ، فبايعه أهل تهامة والحجاز فلما بلغ يزيد ذلك ندب له الحصين بن نمير ، وروح بن زنباع ، وضم إلى كل واحد جيشا واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة ، وجعله أمير الأمراء ولما ودعهم قال : يا مسلم لا ترد أهل الشام عن شيء يريدونه لعدوهم ، واجعل طريقك على المدينة فإن حاربوك فحاربهم فإن ظفرت بهم فأبحهم ثلاثا.
فسار مسلم حتى نزل الحرة ، فخرج أهل المدينة فعسكروا بها وأميرهم عبد الله ابن حنظلة الراهب غسيل الملائكة فدعاهم مسلم ثلاثا فلم يجيبوا ، فقاتلهم فغلب أهل الشام وقتل عبد الله وسبعمائة من المهاجرين والأنصار ، ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام.
ثم شخص بالجيش إلى مكة وكتب إلى يزيد بما صنع بالمدينة ومات مسلم
__________________
(١) الفرخ بمعنى الولد.