عائشة ألا أكون عبدا شكورا قال وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقوم على أطراف أصابع
______________________________________________________
أنه عليهالسلام ممن لا يخالف الأوامر الواجبة فجاز أن يسمى ذنبا منه ما لو وقع من غيره لم يسم ذنبا لعلو قدره ورفعة شأنه.
الخامس : أن القول خرج مخرج التعظيم وحسن الخطاب كما قيل في قوله : « عَفَا اللهُ عَنْكَ » (١).
أقول : وقد روى الصدوق في العيون بإسناده عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام فقال له المأمون : يا بن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله : « لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ »؟ قال الرضا عليهالسلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما ، فلما جاءهم صلىاللهعليهوآلهوسلم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا : « أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ » إلى قوله : « إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ » (٢) فلما فتح الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة قال له : يا محمد « إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ » عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن.
وكان هذا الحديث بالوجه الرابع أنسب ، لتقريره صلىاللهعليهوآلهوسلم كلام عائشة وإن أمكن توجيهه على بعض الوجوه الأخر.
والحاصل أن عائشة توهمت أن ارتكاب المشقة في الطاعات إنما يكون
__________________
(١) سورة التوبة : ٤٣.
(٢) سورة ص : ٥ ـ ٧.