الروح والراحة في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط
______________________________________________________
أحدها : قوله تعالى : « وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ » (١) مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام وذلك باطل بالاتفاق ، وثانيها. لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه لقوله تعالى : « وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ » (٢) وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق منه بل يجب عليه رده ، فدل على أن الحرام لا يكون رزقا ، وثالثها : قوله تعالى : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ » (٣) فبين أن من حرم رزق الله فهو مفتر على الله ، فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.
وأما السنة فما رواه أبو الحسين في كتاب الغرر بإسناده عن صفوان بن أمية قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ جاء عمرو بن مرة فقال : يا رسول الله إن الله كتب على الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي فأذن لي في الغناء من غير فاحشة؟ فقال عليهالسلام : لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة ، كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله ، أما إنك لو قلت بعد هذه النوبة شيئا ضربتك ضربا وجيعا.
وأما المعنى فهو أن الله تعالى منع المكلف من الانتفاع به وأمر غيره بمنعه من الانتفاع به ، ومن منع من أخذ شيء والانتفاع به لا يقال أنه رزقه إياه ، ألا ترى أنه لا يقال : أن السلطان رزق جنده مالا وقد منعهم من أخذه.
الثاني : أن الرزق هل يجب على الله إيصاله من غير سعي وكسب ، أم لا بد من الكسب والسعي فيه؟ ظاهر هذا الخبر وغيره الأول ، وقد روي في النهج عن أمير المؤمنين
__________________
(١) سورة البقرة : ٣.
(٢) سورة المنافقون : ١٠.
(٣) سورة سورة يونس : ٥٩.