الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت ثم قال إن الله بعدله وقسطه جعل
______________________________________________________
ولا يخفى بعده لا سيما بالنظر إلى التعليل بقوله فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص أي الرزق الذي قدره الله للإنسان لا يحتاج في وصوله إلى حرص بل يأتيه بأدنى سعي أمر الله به « ولا يرده » هذا الرزق « كراهة كاره » لرزق نفسه لقلته أو للزهد ، أو كاره لرزق غيره حسدا ، ويؤكد الأول : ولو أن أحدكم « إلخ » وهذا يدل على أن الرزق مقدر من الله تعالى ويصل إلى العبد البتة.
وفيه مقامان : الأول : أن الرزق هل يشمل الحرام أم لا؟ فالمشهور بين الإمامية والمعتزلة الثاني ، وبين الأشاعرة الأول قال الرازي في تفسير قوله تعالى : « وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ » (١) الرزق في كلام العرب الحظ وقال بعضهم : كل شيء يؤكل أو يستعمل ، وقال آخرون : الرزق هو ما يملك ، وأما في عرف الشرع فقد اختلفوا فيه فقال أبو الحسن البصري : الرزق هو تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء والحظر غير أن يمنعه من الانتفاع به فإذا قلنا رزقنا الله الأموال فمعنى ذلك أنه مكننا من الانتفاع بها والمعتزلة لما فسروا الرزق بذلك لا جرم قالوا : الحرام لا يكون رزقا وقال أصحابنا : الحرام قد يكون رزقا.
حجة الأصحاب من وجهين : الأول : أن الرزق في أصل اللغة هو الحظ والنصيب على ما بيناه فمن انتفع بالحرام فذلك الحرام صار حظا ونصيبا له ، فوجب أن يكون رزقا له ، الثاني : أنه تعالى قال : « وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها » (٢) وقد يعيش الرجل طول عمره لا يأكل إلا من السرقة فوجب أن يقال : أنه طول عمره لم يأكل من رزقه شيئا.
وأما المعتزلة فقد احتجوا بالكتاب والسنة ، والمعنى ، أما الكتاب فوجوه
__________________
(١) سورة البقرة : ٣.
(٢) سورة هود : ٦.