.................................................................................................
______________________________________________________
تفاوت قوي المكلفين.
وأما ما ورد في الكتاب العزيز والسنة المطهرة مما يشعر بقبوله الزيادة والنقصان كقوله تعالى : « وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً » (١) وقوله تعالى : « لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ » (٢) وقوله تعالى : « لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » (٣) وكذا ما ورد من أمثال ذلك في القرآن العزيز فمحمول على زيادة الكمال وهو أمر خارج عن أصل الحقيقة الذي هو محل النزاع ، والآية الثانية صريحة في ذلك فإن قوله تعالى : « مَعَ إِيمانِهِمْ » يدل على أن أصل الإيمان ثابت ، أو على من كان في عصر النبي حيث كانوا يسمعون فرضا بعد فرض منه عليهالسلام فيزداد إيمانهم به لأنهم لم يكونوا مصدقين به قبل أن يسمعوه.
وحاصله أن الحقيقة الشرعية للإيمان لم تكن حصلت بتمامها في ذلك الوقت ، فكان كلما حصل منها شيء صدقوا به ، واعترض بأن من كان بعد عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يمكن في حقه تجدد الاطلاع على تفاصيل الفرائض المتوقف عليها الإيمان فإنه يجب الاعتقاد إجمالا فيما عليم إجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا ، ولا ريب أن اعتقاد الأمور المتعددة تفصيلا أزيد وأظهر عند النفس من اعتقادها إجمالا فعلم من ذلك قبول حقيقة الإيمان الزيادة.
أقول : فيه بحث فإن الجازم بحقيقة الجملة جازم بحقيقة كل جزء منها وإن لم يعلمه بعينه ، ألا ترى أنا بعد علمنا بصدق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جازمون بصدق كل ما يخبر به وإن لم نعلم تفصيل ذلك جزءا جزءا ، حتى لو فصل ذلك علينا واحدا واحدا لما ازداد
__________________
(١) سورة الأنفال : ٢.
(٢) سورة الفتح : ٤.
(٣) سورة المائدة : ٩٣.