.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك الجزم ، نعم الزائد في التفصيل إنما هو إدراك الصور المتعددة من حيث التعدد والتشخص وهو لا يوجب زيادة في التصديق الإجمالي الجازم ، فإن هذه الصور قد كانت مجزوما بها على تقدير دخولها في الهيئة الإجمالية ، وإنما الشاذ عن النفس إدراك خصوصياتها وهو أمر خارج عن تحقق الحقيقة المجزوم بها ، نعم لا ريب في حصول الأكملية به وليس الكلام فيها.
وقد أجاب بعض المفسرين عن الآية الثالثة بأن تكرار الإيمان فيها ليس فيه دلالة على الزيادة ، بل إما أن يكون باعتبار الأزمنة الثلاثة أو باعتبار الأحوال الثلاث ، حال المؤمن مع نفسه ، وحاله مع الناس ، وحاله مع الله تعالى ، ولذا بدل الإيمان بالإحسان كما يرشد إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، أو باعتبار المراتب الثلاث المبدأ والوسط والمنتهى ، أو باعتبار ما ينبغي فإنه ينبغي ترك المحرمات حذرا عن العقاب ، وترك الشبهات تباعدا عن الوقوع في المحرمات وهو مرتبة الورع ، وترك بعض المباحات المؤذنة بالنقص حفظا للنفس عن الخسة ، وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة ، أو يكون هذا التكرار كناية عن أنه ينبغي للمؤمن أن يجدد الإيمان في كل وقت بقلبه ولسانه وأعماله الصالحة ، وعبر عنه على بقائه (١) والثبات عليه عند الذهول ليصير الإيمان ملكة للنفس فلا يزلزله عروض شبهة ، انتهى.
قيل : في بيان قبول الإيمان الزيادة أن الثبات والدوام على الإيمان أمر زائد عليه في كل وقت وزمان ، وحاصل ذلك يرجع إلى أن الإيمان عرض لأنه من الكيفيات النفسانية والعرض لا يبقى زمانين بل بقاؤه إنما يكون بتجدد الأمثال.
أقول : وهذا مع بنائه على ما لم يثبت حقيته بل نفيه فليس من الزيادة في شيء ، إذ لا يقال للمماثل الحاصل بعد انعدام مثله أنه زائد وهذا ظاهر ، وقيل في
__________________
(١) استظهر في هامش المخطوطة أن يكون الأصل « حرصا منه على بقائه ».