المؤمنين بظاهر قوله وعمله
______________________________________________________
ثم اعلم أن أكثر المتكلمين من الخاصة والعامة اختلفوا في أن الإيمان هل يقبل الزيادة والنقصان كما يدل عليه بعض أخبار هذا الباب أم لا ومنهم من جعل هذا الخلاف فرع الخلاف في أن الأعمال داخلة فيه أم لا ، قال إمامهم الرازي في المحصل : الإيمان عندنا لا يزيد ولا ينقص لأنه لما كان اسما لتصديق الرسول في كل ما علم بالضرورة مجيئه به ، وهذا لا يقبل التفاوت فسمي الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان ، وعند المعتزلة لما كان اسما لأداء العبادات كان قابلا لهما ، وعند السلف لما كان اسما للإقرار والاعتقاد والعمل فكذلك ، والبحث لغوي ولكل واحد من الفرق نصوص ، والتوفيق أن يقال : الأعمال من ثمرات التصديق ، فما دل على أن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان كان مصروفا إلى أصل الإيمان ، وما دل على كونه قابلا لهما فهو مصروف إلى الإيمان الكامل ، انتهى.
وقال الشهيد الثاني قدسسره في رسالة العقائد : حقيقة الإيمان بعد الاتصاف بها بحيث يكون المتصف بها مؤمنا عند الله تعالى هل تقبل الزيادة أم لا ، فقيل بالثاني لما تقدم من أنه التصديق القلبي الذي بلغ الجزم والثبات ، فلا تتصور فيه الزيادة عن ذلك ، سواء أتى بالطاعات وترك المعاصي أم لا ، وكذا لا تعرض له النقيصة وإلا لما كان ثابتا وقد فرضناه كذلك هذا خلف وأيضا حقيقة الشيء لو قبلت الزيادة والنقصان لكانت حقائق متعددة ، وقد فرضناها واحدة ، هذا خلف ، وإن قلت : حقيقة الإيمان من الأمور الاعتبارية للشارع وحينئذ فيجوز أن يعتبر الشارع للإيمان حقائق متعددة متفاوتة زيادة ونقصانا بحسب مراتب المكلفين في قوة الإدراك وضعفه ، فإنا نقطع بتفاوت المكلفين في العلم والإدراك؟ قلت : لو جاز ذلك وكان واقعا لوجب علي الشارع بيان حقيقة إيمان كل فرقة يتفاوتون في قوة الإدراك ، مع أنه لم يبين ما ورد من جهة الشارع فيما به يتحقق الإيمان من حديث جبرئيل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره من الأحاديث قد مر ذكره ، وليس فيه شيء يدل على تعدد الحقائق بحسب