عندنا هو الكافر عند الله فكذلك نجد المؤمن إذا أقر بإيمانه أنه عند الله مؤمن فقال ـ سبحان الله وكيف يستوي هذان والكفر إقرار من العبد فلا يكلف بعد إقراره ببينة والإيمان دعوى لا تجوز إلا ببينة وبينته عمله ونيته فإذا اتفقا فالعبد عند الله مؤمن والكفر موجود بكل جهة من هذه الجهات الثلاث من نية أو قول أو عمل والأحكام تجري على القول والعمل فما أكثر من يشهد له المؤمنون بالإيمان ويجري عليه أحكام المؤمنين وهو عند الله كافر وقد أصاب من أجرى عليه أحكام
______________________________________________________
بينة على إقراره بل يحكم بمحض الإقرار عليه وإن شهدت البينة على خلافه ، بخلاف إظهار الإيمان والتكلم به ، فإنه وإن أتى بجزء من الإيمان وهو الإقرار الظاهري لكن عمدة أجزائه التصديق القلبي وهو مع ذلك مدع لا بد له من شاهد من عمل الجوارح عند الناس ومن النية والتصديق عند الله ، فإذا اتفق الشاهدان وهما التصديق والعمل ثبت إيمانه عند الله ، ولما كان التصديق القلبي أمرا لا يطلع عليه غير الله لم يكلف الناس في الحكم بإيمانه إلا بالإقرار الظاهري والعمل فإنهما شاهدان عدلان يحكم بهما ظاهرا وإن كانا كاذبين عند الله. والحاصل أنه عليهالسلام شبه الإقرار الظاهري بالدعوى في سائر الدعاوي ، وكما أن الدعوى في سائر الدعاوي لا تقبل إلا ببينة فكذا جعل الله تعالى هذه الدعوى غير مقبولة إلا بشاهدين من قلبه وجوارحه فلا يثبت عنده إلا بهما ، وأما عند الناس فيكفيهم في الحكم الإقرار والعمل الظاهري كما يكتفي عند الضرورة بالشاهد واليمين ، فالإيمان مركب من ثلاثة أجزاء ولا يثبت الإيمان الواقعي إلا بتحقق الجميع فهو من هذه الجهة يشبه سائر الدعاوي للزوم ثلاثة أشياء في تحققها الدعوى والشاهدين.
ويمكن أن يكون الأصل في الإيمان الأمر القلبي ولما لم يكن ظهوره للناس إلا بالإقرار والعمل ، فجعلهما الله من أجزاء الإيمان أو من شرائطه ولوازمه.
« وقد أصاب » أي حكم بالحق والصواب.