عز وجل : « وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ » (١) وقال « نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
______________________________________________________
فإذا عرفت هذا فلم يحتج إلى ما تكلفه بعضهم أنه لما ذكر عليهالسلام أن الإيمان مفروض على الجوارح وأنه يزيد وينقص وعلم السائل الأول صريحا من الآيات المذكورة ، والثاني ضمنا أو التزاما منها للعلم الضروري بأن العلم يزيد وينقص سأل عن الآيات الدالة على الثاني صريحا ، أو قصده من السؤال أني قد فهمت مما ذكر نقصان الإيمان العملي وتمامه باعتبار أن العمل يزيد وينقص فمن أين جاءت زيادة الإيمان التصديقي وأية آية تدل عليها؟ وفيه حينئذ استخدام إذ أراد بلفظ الإيمان الإيمان العملي ، وبضميره الإيمان التصديقي ، وعلى التقديرين لا يرد أنه إذا علم نقصان الإيمان وتمامه فقد علم زيادته ، لأن في التام زيادة ليست في الناقص ، انتهى.
« فَمِنْهُمْ » قال البيضاوي : فمن المنافقين « مَنْ يَقُولُ » إنكارا واستهزاء « أَيُّكُمْ زادَتْهُ » « هذِهِ » السورة « إِيماناً » وقرأ أيكم بالنصب على إضمار فعل يفسره زادته « فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً » بزيادة العلم الحاصل من تدبر السورة وانضمام الإيمان بها وبما فيها إلى أيمانهم « وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ » بنزولها لأنها سبب لزيادة كما لهم وارتفاع درجاتهم « وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ » كفر « فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ » كفرا بها مضموما إلى الكفر بغيرها « وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ » واستحكم ذلك فيهم حتى ماتوا عليه « وَزِدْناهُمْ هُدىً » أي هداية إلى الإيمان أو زدناهم بسبب الإيمان ثباتا وشدة يقين وصبر على المكاره في الدين كما قال « وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ » فهذه الهداية الخاصة الربانية زيادة على الإيمان الذي كانوا به متصفين حيث قال تعالى
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٦.