إلى الكعبة عن البيت المقدس فأنزل الله عز وجل « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ » (١) فسمى الصلاة إيمانا فمن لقي الله عز وجل حافظا لجوارحه
______________________________________________________
الإيمان مبثوثا على الجوارح لأنها إنما دلت على أن الله تعالى فرض أعمالا متعلقة بتلك الجوارح ، ولم تدل على أنها إيمان فاستدل عليهالسلام على ذلك بأن الله تعالى سمي الصلاة المتعلقة بجميع الجوارح إيمانا فتم به الاستدلال بالآيات المذكورة على المطلوب.
والظاهر أن في العبارة سقطا أو تحريفا أو اختصارا مخلا من الرواة أو من المصنف إذ في تفسير النعماني وأما ما افترضه على الرأس فهو أن يمسح من مقدمه بالماء في وقت الطهور للصلاة بقوله : « وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ » وهو من الإيمان وفرض على الوجه الغسل بالماء عند الطهور ، فقال : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ » (٢) وفرض عليه السجود وعلى اليدين والركبتين والرجلين الركوع وهو من الإيمان ، وقال فيما فرض الله على هذه الجوارح من الطهور والصلاة وسماه في كتابه إيمانا حين تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، فقال المسلمون : يا رسول الله صارت صلاتنا إلى بيت المقدس وطهورنا ضياعا؟ فأنزل الله : « وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها » إلى قوله « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ » فسمي الصلاة والطهور إيمانا ، انتهى.
ويحتمل أن يكون مفعول القول : « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ » ، أو مبهما يفسره ذلك ، حذف لدلالة التعليل عليه وقوله : وذلك ، تعليل للقول أي النزول ، وقوله : فأنزل الله ، ليس جواب لما لعدم جواز دخول الفاء عليه بل الجواب محذوف ، بتقدير أنزل وجه الحكمة في الصرف فأنزل.
قوله : فمن لقي الله ، عند الموت أو في القيامة أو الأعم « حافظا لجوارحه »
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤٣.
(٢) سورة المائدة : ٦.