وقال في موضع آخر « وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً » (١) وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها وذلك أن الله عز وجل لما صرف نبيه صلىاللهعليهوآله
______________________________________________________
« وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ » ظاهر أنه عليهالسلام فسر المساجد بالأعضاء السبعة التي تسجد عليها ، أي خلقت لأن يعبد الله بها فلا تشركوا معه غيره في سجودكم عليها ، وهذا التفسير هو المشهور بين المفسرين والمذكور في صحيحة حماد والمروي عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام حين سأله المعتصم عنها ، وبه قال ابن جبير والزجاج والفراء فلا عبرة بقول من قال : أن المراد بها المساجد المعروفة ، ولا بقول من قال : هي بقاع الأرض كلها ، ولا بقول من قال : هي المسجد الحرام ، والجمع باعتبار أنه قبلة لجميع المساجد ، ولا بقول من قال : هي السجدات جمع مسجد بالفتح مصدرا أي السجودات لله فلا تفعل لغيره.
وقال في الفقيه : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضياللهعنه : يا بني لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم ، فإن الله تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها ، وساق الحديث إلى أن قال : ثم استعبدها بطاعته فقال عز وجل : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا » إلى قوله : « لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح ، وقال عز وجل : « وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ » إلخ ، يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والإبهامين ، الحديث بطوله.
قوله : وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها ، أي بالجوارح وكان مفعول القول محذوف أي ما قال ، أو « من الطهور » مفعوله بزيادة من ، أو بتقدير شيئا أو كثيرا أو المراد قال ذلك أي آية المساجد فيما فرض الله على هذه الجوارح من الطهور والصلاة ، لأن الطهور أيضا يتعلق بالمساجد.
وعلى التقادير قوله : وذلك ، إشارة إلى كون الآيات السابقة دليلا على كون
__________________
(١) سورة الجنّ ، ١٨.