أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١) فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الإيمان وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (٢) فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين
______________________________________________________
وقيل : هذا لا ينافي ما روي أن الناس في هذا اليوم يحتجون لأنفسهم ، ويسعى كل منهم في فكاك رقبته كما قال سبحانه : « يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها » والله يلقن من يشاء حجته كما في دعاء الوضوء : اللهم لقني حجتي يوم ألقاك ، لأن الختم مخصوص بالكفار كما قاله بعض المفسرين ، أو أن الختم يكون بعد الاحتجاج والمجادلة كما في الرواية السابقة ، وبالجملة الختم يقع في مقام والمجادلة في مقام آخر.
قوله : فهذا أيضا ، كأنه إشارة إلى ما تشهد به الجوارح ، فمن في قوله « مما » تبعيضية ، أو إلى التكليم والشهادة فمن تعليلية ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى جميع ما تقدم ، وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا » أي في صلاتكم أمرهم بهما لأنهم ما كانوا يفعلونهما أول الإسلام ، أو صلوا وعبر عن الصلاة بهما لأنهما أعظم أركانهما ، أو اخضعوا لله وخروا له سجدا واعبدوا ربكم بسائر ما تعبدكم به « وَافْعَلُوا الْخَيْرَ » وتحروا ما هو خير وأصلح فيما تأتون وتذرون كنوافل الطاعات وصلة الأرحام ومكارم الأخلاق « ولَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » أي افعلوا هذه كلها وأنتم راجعون الفلاح غير متيقنين له ، واثقين علي أعمالكم.
وأقول : « لعل » من الله موجبة ، وهذه فريضة جامعة أي ما ذكر في هذه الآية من الركوع والسجود والعبادة وفعل الخير ، ومدخلية الأعضاء المذكورة في تلك الأعمال في الجملة ظاهرة.
__________________
(١) سورة يس : ٦٥.
(٢) سورة الحجّ : ٧٧.