.................................................................................................
______________________________________________________
كانُوا يَعْمَلُونَ ، وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » قال الطبرسي (ره) : أي شهد عليهم سمعهم بما قرعه من الدعاء إلى الحق « فأعرضوا عنه » ولم يقبلوه وأبصارهم بما رأوه من الآيات الدالة على وحدانية الله فلم يؤمنوا وسائر جلودهم بما باشروه من المعاصي والأعمال القبيحة ، وقيل في شهادة الجوارح قولان : أحدهما : أن الله تعالى يبنيها بنية الحي ويلجئها إلى الاعتراف والشهادة بما فعله أصحابها ، والآخر : أن الله تعالى تفعل الشهادة فيها وإنما أضاف الشهادة إليها مجازا ، وقيل : في ذلك أيضا وجه ثالث وهو أنه يظهر فيه أماراته الدالة على كون أصحابها مستحقين للنار فسمي ذلك شهادة مجازا كما يقال : عيناك تشهدان لسهرك ، وقيل : إن المراد بالجلود هنا الفروج على طريق الكناية عن ابن عباس والمفسرين ثم قال : « وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ » أي من أن يشهد عليكم سمعكم ، معناه وما كنتم تستخفون أي لم يكن مهيئا لكم أن تستروا أعمالكم عن هذه الأعضاء لأنكم كنتم بما تعملون ، فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة ، وقيل : معناه وما كنتم تتركون المعاصي حذرا أن تشهد عليكم جوارحكم بها لأنكم ما كنتم تظنون ذلك ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما كنتم تعملون لجهلكم بالله تعالى ، فهان عليكم ارتكاب المعاصي لذلك.
وروي عن ابن مسعود أنها نزلت في ثلاثة نفر تساروا فقالوا : أترى إن الله تعالى يسمع تسارنا.
ويجوز أن يكون المعنى أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله يخفى على الله كما يقال أهلكت نفسي أي عملت عمل من أهلك النفس ، وقيل : إن الكفار كانوا يقولون إن الله لا يعلم ما في أنفسنا لكنه يعلم ما نظهر عن ابن عباس.
« وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ » ذلكم مبتدأ ، وظنكم خبره ، وأرديكم خبر ثان ، ويجوز أن يكون ظنكم بدلا من ذلكم ، ويكون المعنى وظنكم الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون أهلككم إذ هون عليكم أمر المعاصي