اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ » (١) وقال « وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً » (٢) فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان فقال تبارك وتعالى : « قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ » (٣) فنهاهم أن ينظروا
______________________________________________________
فقال : لا ، والحاصل أن اللغو كل ما لا خير فيه من الكلام والأصوات ، ويكفي في الاستشهاد كون بعض أفراده حراما مثل الغناء والدف والصنج والطنبور والأكاذيب وغيرها.
وقال في سورة القصص : « وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ » (١) قال علي بن إبراهيم : اللغو الكذب واللهو والغناء ، وقال في الفرقان : « وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً » (٢) أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ، وفي أخبار كثيرة تفسير اللغو في هذه الآية بالغناء والملاهي.
قوله : من الإيمان ، « من » تبعيضية « وأن لا يصغي » عطف بيان لهذا ، وقيل : من الإيمان مبتدأ وأن لا يصغي خبره ، وفيه ما فيه.
« قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا » الخطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويغضوا مجزوم بتقدير اللام ، أي ليغضوا فالمقصود تبليغهم أمر ربهم أو حكاية لمضمون أمره عليهالسلام أو منصوب بتقدير أن أي أمرهم أن يغيضوا فإن « قل لهم » في معنى مرهم ، وقيل : أنه جواب الأمر أي قل لهم غضوا يغضوا ، واعترض بأنه حينئذ ينبغي الفاء أي فيغضوا وفيه : أنه سهل ليكن محذوفا وأبعد منه ما يقال : إن التقدير : قل لهم غضوا فإنك إن تقل لهم يغضوا وأصل الغض النقصان والخفض كما في قوله : « وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ » وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة وأباه سيبويه وقيل : إنه للتبعيض ، ولعله الوجه ،
__________________
(١) سورة القصص : ٥٥.
(٢) سورة الفرقان : ٧٢.
(٣) سورة النور : ٣٠.