.................................................................................................
______________________________________________________
بأفعال القلوب ، ألا ترى أن اعتقاد الكفر والبدع ليس إلا من أعمال القلوب وأعظم أنواع العقاب مرتب عليه أيضا ، وأفعال الجوارح إذا خلت من أعمال القلوب لا يترتب عليها عقاب كأفعال النائم والساهي ، فثبت ضعف هذا الجواب.
والوجه الثالث : أنه تعالى يؤاخذ بها ، ومؤاخذتها من الغموم في الدنيا ، وروي ذلك خبرا عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الوجه الرابع : أنه تعالى قال : « يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ » ولم يقل يؤاخذكم به الله ، وقد ذكرنا في معنى كونه حسيبا ومحاسبا وجوها ، منها : كونه عالما بها ، فرجع المعنى إلى كونه تعالى عالما بالضمائر والسرائر وروى عن ابن عباس أنه تعالى إذا جمع الخلائق يخبرهم بما كان في نفوسهم ، فالمؤمن يخبره ويعفو عنه ، وأهل الذنوب يخبرهم بما أخفوا من التكذيب والذنب.
الوجه الخامس : أنه تعالى ذكر بعد هذه الآية « فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ » فيكون الغفران نصيبا لمن كان كارها لورود تلك الخواطر ، والعذاب لمن كان مصرا عليها مستحسنا لها.
الوجه السادس : قال بعضهم : المراد بهذه الآية كتمان الشهادة وهو ضعيف وإن كان واردا عقيبه.
الوجه السابع : ما مر أنها منسوخة بقوله : « لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها » وهذا أيضا ضعيف بوجوه « أحدها » أن هذا النسخ إنما يصح لو قلنا أنهم كانوا قبل هذا النسخ مأمورين بالاحتراز عن تلك الخواطر التي كانوا عاجزين عن دفعها ، وذلك باطل لأن التكليف قط ما ورد إلا بما في القدرة ، ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : بعثت بالحنيفية السمحة السهلة.
الثاني : أن النسخ إنما يحتاج إليه لو دلت الآية على حصول العقاب على تلك الخواطر ، وقد بينا أنها لا تدل على ذلك.