ما فرض الله عز وجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الإيمان وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى : « وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » (١) وقال : « وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
______________________________________________________
الثالث : أن نسخ الخبر لا يجوز وإنما يجوز نسخ الأوامر والنواهي ، واختلفوا في أن الخبر هل ينسخ أم لا ، انتهى.
وقال أبو المعين النسفي : قال أهل السنة والجماعة : العبد مؤاخذ بما عقد بقلبه نحو الزنا واللواطة وغير ذلك ، أما إذا خطر بباله ولم يقصد فلا يؤاخذ به ، وقال بعضهم لا يؤاخذ في الصورتين جميعا ، وحجتهم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عفي عن أمتي ما خطر ببالهم ما لم يتكلموا ويفعلوا ، وحجتنا قوله تعالى : « وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ » الآية ، فثبت أنه مؤاخذ بقصده ، وما ذكرتم من الحديث فمحمول على ما خطر بباله ولم يقصد ، أما إذا قصد فلا ، انتهى.
« وهو رأس الإيمان » كان التشبيه بالرأس باعتبار أن بانتفائه ينتفي الإيمان رأسا كما أن بانتفاء الرأس لا تبقى الحياة ، ويفسد جميع البدن.
قوله عليهالسلام : القول ، أي ما يجب التكلم به من الأقوال كإظهار الحق والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والقراءة والأذكار في الصلاة وأمثالها ، فيكون قوله : والتعبير تخصيصا بعد التعميم لمزيد الاهتمام.
« وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً » قال البيضاوي : أي قوله حسنا وسماه حسنا للمبالغة ، وقرأ حمزة ويعقوب والكسائي حسنا بفتحتين ، انتهى.
أقول : في بعض الأخبار عن الصادق عليهالسلام أنه قال : يعني قولوا محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي رواية أخرى عنه عليهالسلام : نزلت في اليهود ثم نسخت بقوله : « قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ » (٢) الآية ، وفي بعض الروايات أنه حسن المعاشرة والقول الجميل ،
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٣.
(٢) سورة التوبة : ٢٩.