ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالإيمان قال الله عز وجل : « أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ » (١) وجعله الله منافقا قال الله عز وجل : « إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (٢) وجعله عز وجل من أولياء إبليس قال « إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ
______________________________________________________
بوصفهم بالفسق لأن في عرف القرآن لازم للكفر ولم يطلق فيه الفاسق إلا على الكافر كقوله تعالى : « أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً » فقابل بين الإيمان والفسق ، فدل على أن الفاسق ليس بمؤمن ، وقال : « إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ » فخص الفاسق في المنافق فجعله الله منافقا « وجعله من أولياء إبليس » حيث أطلق الفسق عليهما ، وأيضا إذا نظرت في الآيات الكريمة وسبرتها لم تر الفاسق أطلق فيها إلا على الكافر.
قال الراغب : فسق فلان : خرج من حد الشرع ، وذلك من قولهم فسق الرطب إذا خرج عن قشره وهو أعم من الكافر ، والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير لكن تعورف فيما كان كثيرا ، وأكثر ما يقال لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه ، وإذا قيل للكافر الأصلي فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل واقتضاء الفطرة ، قال عز وجل : « فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ » (٣) « فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ » (٤) « وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ » (٥) « وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (٦) « أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ » (٧) وقال : « وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (٨) وقال تعالى : « وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ » (٩) « وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ » (١٠) « وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ » (١١) « إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (١٢) و « كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (١٣) انتهى.
__________________
(١) سورة السجدة : ١٨. (٢) سورة التوبة : ٦٧.
(٣) سورة الكهف : ٥٠. (٤) سورة الإسراء : ١٦.
(٥) سورة آل عمران : ١٨. (٦) سورة النور : ٣.
(٧) سورة السجدة : ١٨. (٨) سورة النور : ٥٥.
(٩) سورة السجدة : ٢٠. (١٠) سورة الأنعام : ٤٩.
(١١) سورة الصفّ : ٥. (١٢) سورة التوبة : ٦٧.
(١٣) سورة يونس : ٣٣.