خلع عنه الإيمان كخلع القميص ونزل بالمدينة « وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (١) فبرأه الله
______________________________________________________
لنفي البصيرة ، أي ليس هو ذا بصيرة ، وقال ابن عباس : أي ليس ذا نور وقيل : أي ليس بمستحضر الإيمان ، وقيل : أي ليس هو بعاقل لأن المعصية مع استحضار العقوبة مرجوحة والحكم بالمرجوح بخلاف المعقول ، وقيل : المقصود نفي الحياء ، والحياء شعبة من الإيمان أي ليس بمستحي من الله سبحانه.
ولا يخفى ما في أكثر هذه الوجوه من البعد والركاكة.
« وأنزل بالمدينة » أي في سورة النور : « الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ » أي يقذفون العفائف من النساء بالزنا « ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ » أي بأربعة عدول يشهدون أنهم رأوهن يفعلن ما رموهن به من الزنا « فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً » خبر الذين بتأويل « وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً » خبر ثان ، وتنكير شهادة للعموم ، أي في أمر من الأمور كان أبدا تأكيد للعموم أي ما لم يتب « وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » أي هم في أعلى مراتب الفسق حتى كأنه لا فاسق غيرهم فقد عبر عنهم باسم الإشارة وعرف الخبر وأتى بضمير الفصل مبالغة في ادعاء حصر الفسق فيهم وقصره عليهم.
قيل : ويمكن أن يكون حالا أو اعتراضا يجري مجرى التعليل لعدم قبول الشهادة « إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا » عن القذف وندموا ورجعوا بالتدارك « مِنْ بَعْدِ ذلِكَ » أي من بعد إقامة الحد ، وقيل : من بعد الرمي « وَأَصْلَحُوا » سرائرهم وأعمالهم فاستقاموا على مقتضى التوبة ، قالوا ومنه الاستسلام للحد والاستحلال من المقذوف والعزم على عدم العود إلى ذلك ، وعلى ترك جميع المناهي على قول.
وفي المجمع : ومن شرط توبة القاذف أن يكذب نفسه فيما قاله فإن لم يفعل ذلك لم يجز قبول شهادته « فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » علة للاستثناء.
قوله عليهالسلام : « فَبَرَّأَهُ اللهُ » الظاهر أنه عليهالسلام استدل على عدم وصفهم بالإيمان
__________________
(١) سورة النور : ٥.