زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » (١) فلم يسم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية
______________________________________________________
مجمع البيان : اختلف في تفسيره على وجوه « أحدها » أن يكون المراد بالنكاح العقد ونزلت الآية على سبب وهو أن رجلا من المسلمين استأذن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يتزوج أم مهزول وهي امرأة كانت تسافح ولها راية على بابها تعرف بها ، فنزلت الآية عن ابن عباس وغيره ، والمراد بالآية النهي وإن كان ظاهره الخبر « وثانيها » أن النكاح هيهنا الجماع والمعنى أنهما اشتركا في الزنا فهي مثله ، فيكون نظير قوله : « الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ » (٢) في أنه خرج مخرج الأغلب « وثالثها » أن هذا الحكم كان في كل زان وزانية ثم نسخ بقوله : « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ » الآية (٣) عن سعيد بن المسيب وجماعة « ورابعها » أن المراد به العقد وذلك الحكم ثابت فيمن زنى بامرأة فإنه لا يجوز له أن يتزوج بها ، روي ذلك عن جماعة من الصحابة.
وإنما قرن الله سبحانه بين الزاني والمشرك تعظيما لأمر الزنا وتفخيما لشأنه ، ولا يجوز أن يكون هذه الآية خبرا لأنا نجد الزاني يتزوج غير زانية ، ولكن المراد هنا الحكم في كل زان أو النهي ، سواء كان المراد بالنكاح الوطء أو العقد وحقيقة النكاح في اللغة الوطء.
« وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » أي حرم نكاح الزانيات أو حرم الزنا على المؤمنين فلا يتزوج بهن ولا يطأهن إلا زان أو مشرك ، انتهى.
ثم المشهور بين الأصحاب كراهة نكاح المشهورات بالزنا ، وذهب الشيخان وجماعة إلى اشتراط التوبة في الحل سواء زنى بها من أراد نكاحها أو غيره للآية المتقدمة وبعض الأخبار ، وأجيب عن الآية تارة بأن المراد بالنكاح الوطء ، وأخرى بأنها منسوخة بقوله تعالى : « وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ » (٤) وبقوله : « فَانْكِحُوا ما طابَ
__________________
(١) سورة النور : ٤.
(٢) سورة النور : ٢٦.
(٣ و ٤) سورة النور : ٣٢.