أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » (١) والخلاق النصيب فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شيء يدخل الجنة وأنزل بالمدينة « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ
______________________________________________________
والانقياد للحق.
« أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ » أي لا نصيب وافرا لهم في نعيم الآخرة « وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ » أي بما يسرهم ، أو لا يكلمهم أصلا وتكون المحاسبة بكلام الملائكة استهانة لهم « وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ » أي لا يعطف عليهم ولا يرحمهم كما يقول القائل للغير : انظر إلى ، يريد ارحمني « وَلا يُزَكِّيهِمْ » أي لا يطهرهم ، وقيل : لا ينزلهم منزلة الأزكياء ، وقيل : لا يطهرهم من دنس الذنوب والأوزار بالمغفرة بل يعاقبهم ، وقيل : لا يحكم بأنهم أزكياء ولا يسميهم بذلك بل يحكم بأنهم كفرة فجرة « وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » مؤلم موجع ، انتهى.
وقال البيضاوي : أي يستبدلون بما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول والوفاء بالأمانات ، وبإيمانهم وبما حلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به ولننصرنه « ثَمَناً قَلِيلاً » مَتاعُ الدُّنْيا « ولا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ » الظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم لقوله : « وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ » فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه وعن التكلم معه والالتفات نحوه كما أن من اعتد بغيره يقاوله ويكثر النظر إليه « وَلا يُزَكِّيهِمْ » ولا يثني عليهم ، انتهى.
وظاهر الخبر أن ناقض العهد واليمين لا يدخل الجنة أصلا ، فيمكن حمله على الاستحلال أو على أنه لا يدخل الجنة ابتداء وحمله علي المشركين والكافرين كما هو ظاهر المفسرين ينافي سياق الحديث ، ويمكن حمله على أنهم لا يستحقون دخول الجنة ولا يلزم على الله ذلك لعدم الوعد إلا أن يدخلهم الجنة بفضله.
« وأنزل بالمدينة » أي في سورة النور وهي مدنية : « الزَّانِي لا يَنْكِحُ » قال في
__________________
(١) سورة آل عمران : ٧١.