.................................................................................................
______________________________________________________
بِعَهْدِ اللهِ » لعل المراد بالعهد هنا على ظاهر سياق الحديث ما عاهدوا الله عليه ، فخالفوه ، وباليمين الإيمان التي يحلفون بها على المستقبل ثم يخالفونها ، ويحتمل شموله لليمين الغموس الكاذبة ، ويحتمل أن يكون العهد شاملا للبيعة وما عاهدوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم نقضوه.
وقال الراغب : العهد : حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمي الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا قال عز وجل : « وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً » (١) أي أوفوا لفظ الأمان ، وعهد فلان إلى فلان أي ألقى العهد إليه وأوصاه بحفظه ، قال عز وجل : « وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ » (٢) وعهد الله تارة يكون بما ركزه في عقولنا ، وتارة يكون بما أمرنا به بكتابه وبسنة رسله ، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم في أصل الشرع كالنذور وما يجري مجراه ، انتهى.
وأما ما ذكره المفسرون في تلك الآية فقال الطبرسي قدسسره : نزلت في جماعة من أحبار اليهود كتموا ما في التوراة من أمر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتبوا بأيديهم غيره ، وحلفوا أنه من عند الله لئلا تفوتهم الرئاسة ، وما كان لهم علي أتباعهم عن عكرمة ، وقيل : نزلت في الأشعث بن قيس وخصم له في أرض قام ليحلف عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما نزلت الآية نكل الأشعث واعترف بالحق عن ابن جريج ، وقيل : نزلت في رجل حلف يمينا فاجرة في تنفيق سلعته ، عن مجاهد والشعبي.
ثم قال : « إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ » أي يستبدلون بأمر الله سبحانه ما يلزمهم الوفاء به ، وقيل : معناه : إن الذين يحصلون بنكث عهد الله ونقضه « وَأَيْمانِهِمْ » أي وبالأيمان الكاذبة « ثَمَناً قَلِيلاً » أي عوضا نذرا لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من الثواب ، ويحصل لهم من العقاب ، وقيل : العهد ما أوجبه الله تعالى على الإنسان من الطاعة والكف عن المعصية ، وقيل : هو ما في عقل الإنسان من الزجر عن الباطل
__________________
(١) سورة الإسراء : ٣٤.
(٢) سورة طه : ١١٥.