.................................................................................................
______________________________________________________
يعلمون الأدلة إجمالا كدليل الأعرابي حيث قال : البعرة تدل على البعير ، وأثر الإقدام على المسير ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير ، فلذا أقروا ولم يسألوا عن اعتقاداتهم أو أنهم كان يقبل منهم ذلك للتمرين ثم يبين لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين.
ومن ذلك الإجماع على أنه لا يجوز تقليد غير المحق وإنما يعلم المحق من غيره بالنظر في أن ما يقوله حق أم لا وحينئذ فلا يجوز له التقليد إلا بعد النظر والاستدلال ، وإذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا فامتنع التقليد في المعارف الإلهية ونقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيات فإنه لا يجوز تقليد المفتي إلا إذا كانت فتياه عن دليل شرعي ، فإن اكتفي في الاطلاع على ذلك بالظن وإن كان مخطئا في نفس الأمر لحط ذلك عنه فليجر مثله في مسائل الأصول.
وأجيب بالفرق بأن الخطأ في مسائل الأصول يقتضي الكفر ، بخلافه في الفروع فساغ في الثانية ما لم يسغ في الأولى.
احتج من أوجب التقليد في مسائل الأصول بأن العلم بالله تعالى غير ممكن لأن المكلف به إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره وحال امتناع كونه عالما بأمره يمتنع كونه مأمورا من قبله وإلا لزم تكليف ما لا يطاق وإن كان عالما به استحال أيضا أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل؟ والجواب عن ذلك على قواعد الإمامية والمعتزلة ظاهر ، فإن وجوب النظر والمعرفة عندهم عقلي لا سمعي ، نعم يلزم ذلك على قواعد الأشاعرة إذ الوجوب عندهم سمعي.
أقول : ويجاب أيضا معارضة بأن هذا الدليل كما يدل على امتناع العلم بالمعارف الأصولية يدل على امتناع التقليد فيها أيضا فينسد باب المعرفة بالله تعالى وكل من يرجع إليه في التقليد لا بد وأن يكون عالما بالمسائل الأصولية ليصح تقليده ، ثم يجري الدليل فيه فيقال : علم هذا الشخص بالله تعالى غير ممكن لأنه