.................................................................................................
______________________________________________________
واعلم أن جميع ما ذكرنا من الأدلة لا يفيد شيء منه العلم بأن الجزم والثبات معتبر في التصديق الذي هو الإيمان ، إنما يفيد الظن باعتبارهما لأن الآيات قابلة للتأويل ، وغيرها كذلك مع كونها من الآحاد.
ثم قال رفع الله درجته : اعلم أن العلماء أطبقوا على وجوب معرفة الله بالنظر وأنها لا تحصل بالتقليد إلا من شذ منهم كعبد الله بن الحسن العنبري والحشوية والتعليمية حيث ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الأصولية كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع والنبوة والعدل وغيرها ، بل ذهب بعضهم إلى وجوبه ، لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة أنه عقلي أو سمعي فالإمامية والمعتزلة على الأول والأشعرية على الثاني ، ولا غرض لنا هنا ببيان ذلك بل ببيان أصل الوجوب المتفق عليه.
ثم استدل بوجوب شكر المنعم عقلا وشكره على وجه يليق بكمال ذاته ، يتوقف على معرفته ، وهي لا تحصل بالظنيات كالتقليد وغيره ، لاحتمال كذب المخبر وخطأ الأمارة ، فلا بد من النظر المفيد للعلم ثم قال : هذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن والقبح ، والأشاعرة ينكرون ذلك لكن كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل يدل أيضا على كون الوجوب عقليا واعترض أيضا بأنه مبني على وجوب ما لا يتم الواجب المطلق إلا به ، وفيه أيضا منوع الأشاعرة ، ومن ذلك أن الأمة أجمعت على وجوب المعرفة ، والتقليد وما في حكمه لا يوجب العلم إذ لو أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد حدوث العالم ويعتقد قدمه ، وقد اعترض على هذا بمنع الإجماع كيف والمخالف معروف ، بل عورض بوقوع الإجماع على خلافه ، وذلك لتقرير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه العوام على إيمانهم ، وهم الأكثرون في كل عصر مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع وصفاته ، مع أنهم كانوا لا يعلمونها وإنما كانوا مقرين باللسان ومقلدين في المعارف ، ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك ، مع الحكم بإيمانهم ، وأجيب عن هذا بأنهم كانوا