.................................................................................................
______________________________________________________
فهؤلاء اتفقوا على أن حقيقة الإيمان هي التصديق فقط ، وإن اختلفوا في مقدار المصدق به ، والكلام هيهنا في مقامين : الأول : في أن التصديق الذي هو الإيمان المراد به اليقيني الجازم الثابت كما يظهر من كلام من حكينا عنه ، والثاني : في أن الأعمال ليست جزءا من حقيقة الإيمان الحقيقي ، بل هي جزء من الإيمان الكمالي ، أما الدليل على الأول فآيات بينات منها قوله تعالى : « إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً » (١) والإيمان حق بالنص والإجماع ، فلا يكفي في حصوله وتحققه الظن ، ومنها « إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَ » (٢) « إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ » (٣) و « إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ » (٤) فهذه قد اشتركت في التوبيخ على اتباع الظن ، والإيمان لا يوبخ من حصل له بالإجماع فلا يكون ظنا ومنها قوله تعالى : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا » (٥) فنفى عنهم الريب فيكون الثابت هو اليقين ، وفي العرف يطلق عدم الريب على اليقين.
ومن السنة المطهرة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ، والثبات هو الجزم والمطابقة ، وفيه منع لم لا يجوز أن يكون طلبه عليهالسلام لأنه الفرد الأكمل.
ومن الدلائل أيضا الإجماع حيث ادعى بعضهم أنه يجب معرفة الله تعالى التي لا يتحقق الإيمان إلا بها بالدليل إجماعا من العلماء كافة ، والدليل ما أفاد العلم ، والظن لا يفيده ، وفي صحة دعوى الإجماع بحث لوقوع الخلاف في جواز التقليد في المعارف الأصولية كما سنذكره إنشاء الله تعالى.
__________________
(١) سورة النجم : ٢٧.
(٢) سورة الأنعام : ١٦.
(٣) سورة البقرة : ٧٨.
(٤) سورة الحجرات : ١٢.
(٥) سورة الحجرات : ١٥.