إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مرآة العقول [ ج ٥ ]

55/375
*

.................................................................................................

______________________________________________________

منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك وأسماء تسمعهم حتى اجتمع رأيهم على ذلك فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب لهم الصحيفة باتفاق منهم.

وكانت نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اتفق عليه الملأ من أصحاب محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله في كتابه على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتفقوا جميعا بعد أن أجهدوا رأيهم وتشاوروا في أمرهم وكتبوا هذه الصحيفة نظرا منهم للإسلام وأهله على غابر الأيام وباقي الدهور ليقتدي بهم من يأتي من المسلمين من بعدهم ، أما بعد فإن الله بمنه وكرمه بعث محمدا رسولا إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدى من ذلك وبلغ ما أمره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه حتى إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرما محبورا من غير أن يستخلف أحدا بعده ، وجعل الاختيار إلى المسلمين يختاروا لأنفسهم من وثقوا برأيه ونصحه ، وإن للمسلمين في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسوة حسنة ، قال الله تعالى : « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ » وإن رسول الله لم يستخلف أحدا لئلا يجري ذلك في أهل بيت واحد فيكون إرثا دون سائر المسلمين ، ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منهم ولئلا يقول المستخلف أن هذا الأمر باق في عقبه من والد إلى ولد إلى يوم القيامة والذي يحب على المسلمين عند مضي خليفة من الخلفاء أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح في أمورهم فمن رأوه مستحقا لها ولوه أمورهم ، وجعلوه القيم عليهم ، فإنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة ، فإن ادعى مدع من الناس جميعا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلف رجلا بعينه نصبه الناس ونص عليه باسمه ونسبه فقد أبطل في قوله ، وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخالف على جماعة المسلمين ، وإن ادعى مدع أن خلافة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إرث وأن رسول الله يورث فقد أحال في قوله لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، وإن