تابوت علمه وعصا عزه وضرب لكم مثلا من نوره وعصمكم من الزلل وآمنكم من الفتن فتعزوا بعزاء الله فإن الله لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته
______________________________________________________
الواو انقلبت هاء التأنيث تاء « وعصا عزه » العز والعزة : القوة والغلبة ، ومنه العزيز في أسمائه تعالى ، وهو القوي الغالب الذي لا يغلب فهو كناية عن قيام عزه سبحانه بين الخلق بهم كقيام الإنسان بالعصا إذ بهم يقام معرفة الله ودينه وعبادته ، وبهم يقهر أعداء الله ويغلب أولياؤه ، ولا يبعد أن تكون الفقرتان إشارتين إلى أنهم بمنزلة تابوت بني إسرائيل لكونها مخزنا للألواح والصحف ، وسائر علومهم ، وإلى أنهم للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنزلة العصا لموسى ، فإنها كانت سببا لغلبته على الأعادي ، وآية نبوته وأمير المؤمنين عليهالسلام كان كذلك معينا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودافعا للأعادي عنه وآية نبوته وكذا سائر الأئمة عليهمالسلام.
« وضرب لكم مثلا من نوره » إشارة إلى آية النور كما مر « وعصمكم من الزلل » أي الخطأ في العقائد والأقوال والأعمال ، ويدل على أن العصمة موهبية لا كسبية كما توهم « وآمنكم من الفتن » أي من الضلالة والافتتان بالشبهات وتسويلات النفس والشيطان وفي القاموس : الفتنة بالكسر الخبرة وإعجابك بالشيء أو الضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب والإضلال والجنون والمحنة والمال والأولاد ، واختلاف الناس في الآراء ، وأكثر المعاني مناسبة هنا.
« فتعزوا بعزاء الله » التعزي التصبر عند المصيبة ، وعزاء الله ما أمر من الصبر في الآيات كقوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا » (١) وقوله : « الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ » (٢) الآية ، وقوله : « إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » (٣) » وأمثالها أو ما تقدم من الفقرات فإنها كانت من قبل الله ، أو الأعم وقال في النهاية : في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من لم يتعز بعزاء الله فليس منا ، قيل : أراد بالتعزي التأسي والتصبر عند
__________________
(١) سورة آل عمران : ٢٠٠.
(٢) سورة البقرة : ١٥٦.
(٣) سورة البقرة : ١٥٣.