ولا أرض تقلهم لأن رسول الله صلىاللهعليهوآله وتر الأقربين والأبعدين في الله فبينا هم
______________________________________________________
عقله وغفل عن الأمور الواضحة كالظلال السماء وإقلال الأرض ، أو ظنوا أنهم لا يبقون بعد تلك المصيبة فتظلهم السماء وتقلهم الأرض ، ويمكن أن يقرأ ظنوا على بناء المجهول أي ظن الحاضرون بهم ذلك ، وكل ذلك مبالغة شايعة بين العرب والعجم في بيان فخامة المصيبة وشدة البلية ، ويقال : أظله أي ألقى ظله عليه ، وأقله أي جملة.
« وتر الأقربين والأبعدين » أي جنى عليهم وقتل أقاربهم وجعلهم ذوي أوتار ، ودخول طالبين للدماء ونقصهم أموالهم ، كل ذلك « في الله » أي لطلب رضاء الله فكلمة « في » للتعليل ، قال الجوهري : الوتر بالفتح الذحل والموتور الذي قتل له قتيل ، فلم يدرك بدمه ، تقول : منه وتره يتره وترا وترة ، وكذلك وتره حقه أي نقصه ، وقال الفيروزآبادي : الوتر بالكسر ويفتح : الذحل أو الظلم فيه كالترة وقد وتره يتره وترا وترة ، والقوم جعل شفعهم وترا كأوترهم والرجل أفزعه وأدركه بمكروه ، ووتره ماله نقصه إياه ، انتهى.
وقيل : الوتر الحقد يعني أسخطهم على نفسه وأهله ، وجعلهم ذوي حقد عليهم في طلب رضاه ، وهو لا يوافق ما في اللغة وإن كان يؤول إلى ما ذكرنا ، وقيل : الوتر طلب المكافاة بجناية جنيت على الرجل من قتل أو جرح أو نحو ذلك ، والحمل للمبالغة ، والمقصود أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان طالب الجنايات للأقارب والأباعد ودافع الظلم عنهم ، وحافظ حقوقهم ، وفي ذكر الأبعدين تنبيه على أن ذلك كان من كمال عدله وإنصافه ، لا على التعصب ، انتهى ، والأظهر ما ذكرنا.
« فبينما هم » وفي بعض النسخ : فبينا هم ، وهما ظرفان مضافان إلى الجملة الاسمية أو الفعلية ، وخفض المفرد بهما قليل ، وبينما في الأصل بين التي هي ظرف مكان أشبعت فيها الحركة فصارت بينا ، وزيدت الميم فصارت بينما ، ولما فيهما من معنى الشرط يفتقران إلى جواب ويتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما عند الأصمعي