سربته سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة وكأن عنقه إلى كاهله إبريق
______________________________________________________
ومخلب الأسد ، أو هو للسبع كالإصبع للإنسان ، انتهى.
وعلى المعنى الأخير كأنه إشارة إلى شجاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان إفراغ الذهب على براثنه كناية عن قوة أصابعه وشدتها ، والتخصيص بالذهب إما لأن مطلق الصلابة ليست بكمال بل مع لين وسلاسة في الحركات ، والذهب كذلك أو لشرافة الذهب رعاية للأدب ، أو كناية عن سطوع النور منها أو حمرتها ، وفي إكمال الدين وإعلام الورى في حديث آخر : كان عنقه إبريق فضة ، كان الذهب يجري في تراقيه ، فالمعنيان الأخيران أنسب ، وما هنا أنسب بما قبله ، وقال في النهاية : في صفته صلىاللهعليهوآلهوسلم : جليل المشاش أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكعبين والركبتين ، وقال الجوهري : المشاشة واحده المشاش وهي رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها ، وفي النهاية في صفته عليهالسلام : فإذا التفت التفت جميعا ، أراد أنه لا يسارق النظر ، وقيل : أراد لا يلوي عنقه يمنة ويسرة إذا نظر إلى الشيء وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف ، ولكن كان يقبل جميعا ويدبر جميعا ، انتهى.
وقال بعض مشايخنا رحمهالله : أي كان لشدة رصافة بدنه واندماج أعضائه إذا أراد أن يلتفت تحرك جميع بدنه ، وقوله : من شدة استرساله في هذا الخبر يأبى عن الجميع ، إذ الاسترسال الاستئناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدثه ، ذكره الجزري ، فالمعنى أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لشدة استيناسه ورفقه ومداراته مع الناس كان لا يلتفت عليهم التفات المتكبرين بالعين والحاجب ، بل إذا أراد النظر إلى جليسه والتكلم معه انحرف نحوه وأقبل إليه بجميع بدنه ، شفقة عليه ورفقا به.
« سربته سائلة » في القاموس : السربة بالضم الشعر وسط الصدر إلى البطن كالمسربة ، وقال : اللبب المنحر كاللبة وموضع القلادة من الصدر ، قوله : كأنها وسط الفضة ، فيه تشبيه بليغ حيث شبه هذا الخيط الدقيق من الشعر في وسط الصدر والبطن الأبيضين المشرقين بما يتخيل للإنسان من خط أسود في وسط السبيكة المصقولة من