.................................................................................................
______________________________________________________
وقد اشتهر أنه نعت لقريش المسجد الأقصى على ما هو عليه ، وأخبرهم بحال عيرهم فكان على ما أخبر ، وبما رأي في السماء من العجائب وبما شاهد من أحوال الأنبياء على ما هو مذكور في كتب الحديث.
لنا أنه أمر ممكن أخبر به الصادق ، ودليل الإمكان تماثل الأجسام فيجوز الخرق على السماء كالأرض وعروج الإنسان ، وأما عدم دليل الامتناع فإنه لا يلزم من فرض وقوعه محال ، وأيضا لو كان دعوى النبي صلىاللهعليهوآله المعراج في المنام أو بالروح لما أنكره الكفرة غاية الإنكار ، ولم يرتد بعض من أسلم ترددا منه في صدق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وتمسك المخالف بما روي عن عائشة أنها قالت : والله ما فقد جسد محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن معاوية أنها كانت رؤيا صالحة ، وأنت خبير بأنه على تقدير صحته لا يصلح حجة في مقابلة ما ورد من الأحاديث وأقوال كبار الصحابة وإجماع القرون اللاحقة انتهى.
وبالغ إمامهم الرازي في تفسيره في إثبات إمكانه بدلائل ، منها : أن الفلك الأعظم يتحرك من أول الليل إلى آخره ما يقرب من نصف الدور ، وقد ثبت في الهندسة أن نسبة القطر إلى الدور نسبة الواحد إلى ثلاثة وسبع ، فيلزم أن يكون نسبة نصف القطر إلى نصف الدور كذلك ، وبتقدير أن يقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ارتفع من مكة إلى ما فوق الفلك الأعظم فهو لم يتحرك إلا مقدار نصف القطر ، فلما حصل في ذلك القدر من الزمان حركة نصف الدور كان حصول الحركة بمقدار نصف القطر أولى بالإمكان ، فهذا برهان قاطع على أن الارتفاع من مكة إلى ما فوق العرش في مقدار ثلث الليل أمر ممكن في نفسه ، وإذا كان كذلك كان حصوله في كل الليل أولى بالإمكان ، وأيضا قد ثبت في الهندسة أن قرص الشمس يساوي كرة الأرض مائة وستين مرة وكذا مرة ، ثم أنا نشاهد أن طلوع القرص يحصل في زمان لطيف سريع ، وذلك يدل على أن بلوغ الحركة في السرعة إلى الحد المذكور أمر ممكن في نفسه ،