.................................................................................................
______________________________________________________
حججه بأنهم لا يظلمون الناس بقتلهم وجبرهم على الإسلام والاستقامة على الحق كما أنهم كانوا يطعنون على أمير المؤمنين عليهالسلام بكثرة سفك الدماء وأشباهه ، بل هم يظلمون أنفسهم بترك متابعة الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم.
ثم أن تلك الآيات وردت في مواضع من القرآن المجيد ، ففي سورة البقرة « وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » وفي سورة الأعراف « وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَ » إلى آخر ما مر بعينه ، وفي هود : « وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ » وفي النحل : « وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » وفي الزخرف « إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ، وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ».
فالآية الأولى هي ما في البقرة والأعراف ، والثانية هي ما في النحل ، فقوله عليهالسلام : نعم في جواب هذا تنزيل مشكل ، إذ كون الولاية مكان الرحمة بعيد ، وكون الآية : والظالمين آل محمد ، كما فهم ينافي ما حققه عليهالسلام من قوله : خلطنا بنفسه « إلخ » إلا أن يقال المراد بالتنزيل ما مر أنه مدلوله المطابقي أو التضمني لا الالتزامي ، أو أنه قال جبرئيل عليهالسلام عند نزول الآية وفي بعض النسخ : « وما ظلموناهم » في الأخير ليدل على أنه كان في النحل هكذا ، فضمير هم تأكيد ومضمونها مطابق لما في البقرة والأعراف وهو أظهر.
فإن قيل : هذه القراءة تنافي ما في صدر الآية إذ الظاهر أنه استدراك لما يتوهم من أن التحريم ظلم عليهم ، فبين أن هذا جزاء ظلمهم.
قلت : قد قال تعالى في سورة النساء : « فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً » الآية ، فيحتمل أن يكون هذا لبيان أن ظلمهم الذي صار سببا لتحريم الطيبات عليهم لم يكن علينا أي على أنبيائنا