قلت « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (١) قال إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليهالسلام.
______________________________________________________
الباء سببية ويرجع إلى الأول.
« أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى » الآية من سورة الملك ، وقال البيضاوي يقال كببته فأكب وهو من الغرائب ، ومعنى مكبا أنه يعثر كل ساعة ويخر على وجهه لو عورة طريقه واختلاف أجزائه ، ولذلك قابله بقوله : « أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا » قائما سالما من العثار « عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » مستوي الأجزاء أو الجهة ، والمراد تمثيل المشرك والموحد بالسالكين والدينين بالمسلكين ، ولعل الاكتفاء بما في الكب من الدلالة على حال المسلك للإشعار بأن ما عليه المشرك لا يستأهل أن يسمى طريقا كمشي التعسف في مكان متوعر غير مستو ، وقيل : المراد بالمكب الأعمى فإنه يعتسف فينكب ، وبالسوي البصير ، وقيل : من يمشي مكبا ، هو الذي يحشر على وجهه إلى النار ومن يمشي سويا الذي يحشر على قدميه إلى الجنة ، انتهى.
« مثل من حاد » أي مال وعدل ، وتأويله عليهالسلام منطبق على أكثر الوجوه المتقدمة فإن شيعة علي عليهالسلام التابع له في عقائده وأعماله وأقواله يمشي على صراط مستقيم لا يعوج عن الحق ولا يشتبه عليه الطريق ، ولا يقع في الشبهات التي توجب عثاره ويعسر عليه التخلص منها ، والمخالف له أعمى حيران لا يعلم مقصده وعاقبة أمره فيسلك الطرق الوعرة المشتبهة التي لا يدري أين ينتهي ، ويقع في حفر ومضائق وشبهات لا يعرف كيفية التخلص منها ، أو كالحيوان الذي يمشي على وجهه لا يدري مقصده ولا يحترز من عدوه والسباع التي تفترسه ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين أي ولايته ومتابعته أو بقدر مضاف في الآية ولعل الأول أنسب.
__________________
(١) سورة الملك : ٢٢.