ومواثيق ووثقت لنفسي ثم قلت أنا موسى بن عبد الله فقال لي إذا تكرم وتحبى فقلت له أقطعني إلى بعض أهل بيتك يقوم بأمري عندك فقال لي انظر إلى من أردت فقلت عمك العباس بن محمد فقال العباس لا حاجة لي فيك فقلت ولكن لي فيك الحاجة أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني فقبلني شاء أو أبى وقال لي المهدي
______________________________________________________
سنة ثمان وخمسين ومائة و « تحبى » على المجهول من الحباء وهو العطية قوله : أقطعني لعله من قولهم أقطعه قطيعة أي طائفة من أرض الخراج كناية عن أنه يحفظني ويقوم بما يصلحني كأني ملك له ، وقيل : أي أوصلني إلى مأمن مستعار من أقطع فلانا إذا جاوز به نهرا ، وأوصله إلى الشاطئ.
« إلا قبلتني » أي أسألك في جميع الأحوال إلا حال القبول « شاء أو أبي » أي طوعا أو كرها « كذبة » بالكسر وكفرحة مفعول مطلق « مولاهم » أي عبدهم أو معتقهم أو محل نعمتهم ، أو محبهم أو تابعهم.
أقول : وروى صاحب المقاتل عن موسى بن عبد الله قال : لما صرنا بالربذة أرسل أبو جعفر إلى أبي : أرسل إلى أحدكم واعلم أنه غير عائد إليك أبدا ، فابتدره بنو إخوته يعرضون أنفسهم عليه فجزاهم خيرا وقال لهم : أنا أكره أن أفجعهم بكم ، ولكن اذهب أنت يا موسى ، قال : فذهبت وأنا يومئذ حديث السن فلما نظر إلى قال : لا أنعم الله بك عينا السياط يا غلام ، قال : فضربت والله حتى غشي علي فما أدري بالضرب ، ثم رفعت السياط عني واستدناني فقربت منه ، فقال : أتدري ما هذا؟ هذا فيض فاض مني فأفرغت عليك سجلا (١) لم أستطع رده ، ومن ورائه والله الموت أو تفتدي مني ، قلت : والله يا أمير المؤمنين ما كان لي ذنب وإني منعزل عن هذا الأمر ، قال : انطلق فأتني بأخويك ، قال : قلت : تبعثني إلى رباح بن عثمان فتضع على العيون والرصد ، فلا أسلك طريقا إلا أتبعني ، ويعلم أخواي فيهربان مني ، قال : فكتب إلى رباح :
__________________
(١) السجل : النصيب.