فأقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيء ثم قالت خديجة سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد فقال هذه دار تسمى دار السرقة فقالت هذا ما اصطفى مهدينا تعني محمد بن عبد الله
______________________________________________________
نقاه وأخلصه وأصلحه كهذبه ، وقال : الفارس الأسد ، وقال : المأتم كمقعد : كل مجتمع في حزن أو فرح أو خاص بالنساء ، انتهى.
وأقول : خص في العرف بالحزن والمصيبة ، والنوح والنوحة معروفان ، والنوح أيضا النائحات على الميت « ولا ينبغي لها » أي للمرأة أو للنائحة ويدل على كراهة النوحة بالليل ، والهجر بالضم : الهذيان والقبيح من الكلام ، والمراد هنا الكذب في محاسن الميت أو القول بما ينافي الرضا بقضاء الله ، ونسبة الجور والظلم إلى الله وأمثال ذلك « فغدونا إليها » أي ذهبنا إليها بكرة في اليوم الثاني ، والغدوة بالضم التبكير أو البكرة أي أول النهار وعلى الأول مفعول مطلق ، وعلى الثاني ظرف زمان ، وفي القاموس : الاختزال الانفراد والاقتطاع.
قوله فقال : هذه دار ، أقول : هذا الكلام يحتمل وجوها :
الأول : ما خطر بالبال وهو أن فاعل قال الجعفري الراوي للحديث ، أي إنما سألت عن دارها واختزالها لأن الدار التي كانت خديجة تسكنها تسمى دار السرقة لكثرة وقوع السرقة فيها ، فقالت هذه الدار اختارها محمد بن عبد الله فبقينا فيها ولم نقدر على الخروج ، والتعبير عن محمد بالمهدي كان على سبيل المزاح ، وضمير تمازحه للجعفري على الالتفات ، أو لموسى أو لمحمد بن عبد الله أي تستهزئ به ، لأنه ادعى المهدوية وقتل وتبين كذبه.
الثاني : ما سمعته من مشايخي وهو أن ضمير « قال » لموسى ، وإنما سميت دار السرقة لأن محمدا فيها سرق الخلافة وغصبها وادعاها بغير حق ، والجواب