« إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ » وقال في بعض كتابه : « وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ
______________________________________________________
وقال الطبرسي (ره) : هي قراءة أمير المؤمنين عليهالسلام وزيد بن ثابت وأبو جعفر الباقر عليهالسلام وغيرهم ، فعلى الأول قيل : إنه جواب الأمر على معنى إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة ، وقيل : صفة لفتنة ولا للنفي أو للنهي على إرادة القول ، وقيل : جواب قسم محذوف ، وقيل. إنه نهى بعد الأمر باتقاء الذنب عن التعرض للظلم فإن وباله يصيب الظالم خاصة ، وقيل : كلمة « لا » زائدة وقيل : إن أصلها لتصيبن فزيدت الألف للإشباع ، وعلى القراءة الثانية جواب للقسم ، فما ذكره عليهالسلام شديد الانطباق على القراءة الثانية ، ولعله كانت النسخة كذلك فحرفها النساخ تبعا للقراءة المشهورة وكذا ينطبق على القراءة الأولى على بعض محتملاتها ، ككونه نهيا أو لا زائدة أو مشبعة.
وأما على سائر المحتملات فيمكن أن يقال أنه لما ظهر من الآية انقسام الفتنة إلى ما يصيب الظالمين خاصة وما يعمهم وغيرهم فسر عليهالسلام الأولى بذلك.
وتفصيله أن الفتنة فتنتان فتنة تصيب الذين ظلموا منهم خاصة وهي إنكارهم ليلة القدر بعد النبي عليهالسلام أصلا ورأسا ، وارتدادهم على أعقابهم كفرا ونفاقا ، وأصحاب هذه الفتنة ليسوا مخاطبين في هذه الآية لأنهم ليسوا بأهل للخطاب ولا ينفعهم النصح ، وفتنة أخرى لا تصيبن الذي ظلموا خاصة بل تعمهم وغير الظالمين ، وهي عدم المبالاة بمعرفة صاحب هذا الأمر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأن ليلة القدر بعده لمن؟ وإن تنزل الملائكة والروح فيها على من؟ وأصحاب هذه الفتنة أهل الحيرة الذين لا يهتدون إلى الحق سبيلا ، وهم المخاطبون بهذه الآية يقول الله لهم : اجتهدوا في معرفة الأمور المذكورة وتعرفوها من قبل أن يخرج طريق تعرفها من أيديكم ، وهذا معنى اتقاء الفتنة ، والآية الثانية نزلت في جماعة فروا من الزحف في غزوة أحد ، مرتدين على أعقابهم زعما منهم أن الرسول صلىاللهعليهوآله قد قتل حين نادى إبليس فيهم بذلك ، وهم في الحقيقة أهل الفتنة الأولى ، المنكرون لبقاء ليلة القدر بعد الرسول ، بل لبقاء الدين أيضا يقول الله تعالى لهم « وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ » كسائر الرسل الذين مضوا فإنه سيمضي كما