الدلاء ولا تغيره نغمة الرياح كالكتاب المعجم في الرق المنمنم أهم بإبدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل وإنه لكلام يكل به لسان
______________________________________________________
« ولا تغيره نغمة الرياح » كناية عن ثباته أو عذوبته ترشيحا للتشبيه السابق ، والنغمة : الصوت الخفي ، عبر بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحق ، كما قال تعالى : « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ » (١) والمقصود أنه على كلام يقيني لا يتطرق إليه الشبه والشكوك « كالكتاب المعجم » اسم مفعول من باب الأفعال أي المختوم ، كناية عن أنه من الأسرار ، في القاموس : باب معجم كمكرم مقفل ، أو من قولهم : أعجمت الكتاب فهو معجم أي أزلت عجمته وهي عدم الإفصاح ، والتعجيم أيضا بهذا المعنى ، أي كالكتاب الذي أزيلت عجمته وعدم إفصاحه بالنقط والإعراب ، بحيث يكون المقصود منه واضحا عكس المعنى الأول ، أو من قولهم أعجمه إذا لم يفصحه لا لقصور فيه بل للطف معانيه وقصور أكثر العقول عن إدراكه فيرجع إلى الأول ، والرق بالفتح ويكسر : جلد رقيق يكتب فيه والصحيفة البيضاء ، ويقال : نمنمه أي زخرفه ورقشة ، والنبت المنمنم : الملتف المجتمع ، أي الرق المزين بولاء الأئمة وسائر المعارف ، أو المشتمل على العلوم الجمة ، وفي بعض النسخ المنهم بالهاء إما بفتح النون وتشديد الهاء المفتوحة من النهمة أي بلوغ الهمة في الشيء كناية عن كونه ممتلئا بحيث لم يبق شيء غير مكتوب ، أو سكون النون وفتح الهاء وتشديد الميم من قولهم إنهم البرد والشحم أي ذابا كناية عن إغلاقه وبعده عن الأفهام كأنه قد ذاب ومحي ، فلا يمكن قراءته إلا بعسر.
« أهم بأدائه » الضمير للكلام « بأدائه » بالفتح والتخفيف ، أي بأداء حقوق هذا الكلام ، قال الجوهري : أدى دينه تأدية أي قضاه ، والاسم الأداء ، وفي بعض النسخ بإبدائه أي إظهاره « فأجدني » من أفعال القلوب ، ومن خواصها جواز كون فاعلها ومفعولها واحدا « سبقت » على بناء المجهول « سبق » على صيغة الماضي والجملة استئنافية و « الكتاب المنزل » القرآن.
__________________
(١) سورة الصفّ : ٨.