أن ذلك منه تقية قال ثم التفت إلي فقال لي يا ابن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان بن داود فقال « هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ » (١) وفوض إلى نبيه صلىاللهعليهوآله فقال : « ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (٢) فما فوض إلى
______________________________________________________
هكذا : قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فسألته عن مسألة فأجابني ، فبينا أنا جالس إذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثم جاء آخر فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، ففزعت من ذلك وعظم علي ، إلى آخر الخبر.
وبسند آخر عن أديم بن الحر قال : سأله موسى بن أشيم يعني أبا عبد الله عليهالسلام عن آية من كتاب الله فخبر بها فلم يبرح حتى دخل رجل فسأله عن تلك الآية بعينها فأخبره بخلاف ما أخبره ، قال ابن أشيم : فدخلني من ذلك ما شاء الله إلى قوله : فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية بعينها فأخبره بخلاف ما أخبرني والذي سأله ، الخبر.
قوله : إن ذلك منه تقية ، في بعض النسخ بالتاء المثناة الفوقانية وهو ظاهر وفي بعضها بالباء الموحدة أي إبقاء وشفقة على الناس كما قال تعالى : « أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ » (٣) والإبقاء إما لئلا يتضرروا من المخالفين بأخبارهم بخلاف قولهم ، أو لعدم قابليتهم لفهم بعض المعاني فكلمهم على قدر عقلهم ، وفي البصائر في هذه الرواية « منه تعمد » وفي رواية أخرى « تعمد منه » وهو أصوب.
« هذا عَطاؤُنا » قال الطبرسي : أي الذي تقدم ذكره من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعدك « فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ » أي فأعط من الناس من شئت وامنع من شئت « بِغَيْرِ حِسابٍ » أي لا تحاسب يوم القيامة على ما تعطي وتمنع ، فيكون أهنأ لك ، وقيل : بغير جزاء أي أعطيناه تفضلا لا مجازاة ، انتهى.
__________________
(١) سورة ص : ٣٩.
(٢) سورة الحشر : ٧.
(٣) سورة هود : ١١٦.